رانا نجم نجوم المنتدى
عدد المساهمات : 8555 رصيد نقاط : 25471 رصيد حسابك فى بنك نور : 262 تاريخ التسجيل : 04/12/2009
| موضوع: العبرة من قصة شعيب : الخميس فبراير 18, 2010 7:39 am | |
| شعيب عليه السلام على أرض مدين، وهي منطقة بالأردن الآن، كان يعيش قوم كفار يقطعون الطريق، ويسلبون أموال الناس الذين يمرون عليهم، ويعبدون شجرة كثيفة تسمى الأيكة. وكانوا يسيئون معاملة الناس، ويغشُّون في البيع والشراء والمكيال والميزان، ويأخذون ما يزيد عن حقهم. فأرسل الله إليهم رجلاً منهم هو رسول الله شعيب-عليه السلام-، فدعاهم إلى عبادة الله وعدم الشرك به، ونهاهم عن إتيان الأفعال الخبيثة، من نقص الناس أشياءهم، وسلب أموال القوافل التي تمر بديارهم. فقال لهم: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين)[الأعراف: 85]. وظل شعيب يدعو قومه ويبين لهم الحق، فآمن به عدد قليل من قومه وكفر أكثرهم، لكن شعيبا لم ييأس من عدم استجابتهم، بل أخذ يدعوهم، ويذكر لهم نعم الله التي لا تحصى، وينهاهم عن الغش في البيع والشراء. لكن قومه لم يتقبلوا كلامه، ولم يؤمنوا به، بل قالوا له على سبيل الاستهزاء والتهكم: (يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد)[هود: 87]. فرد عليهم شعيب بعبارة لطيفة، يدعوهم فيها إلى الحق (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقًا حسنًا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب)[هود: 88]. وهكذا كان نبي الله شعيب قوي الحجة في دعوته إلى قومه، وقد سماه المفسرون خطيب الأنبياء لبراعته، ثم قال لهم ليخوفهم من عذاب الله: (ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد)[هود: 89]. فأخذوا يهددونه ويتوعدونه بالقتل لولا أهله وعشيرته، وقالوا له: (يا شعيب ما نفقه كثيرًا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز)[هود: 91]. فقال لهم: (يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريًّا إن ربي بما تعملون محيط)[هود: 92]. ثم أخذ يهددهم ويخوفهم من عذاب الله إن استمروا على طريق الضلال والعصيان، وعند ذلك خيره قومه بين أمرين: إما العودة إلى دين الآباء والأجداد، أو الخروج من البلاد مع الذي آمنوا معه، ولكن شعيبًا والذين آمنوا معه يثبتون على إيمانهم، ويفوضون أمرهم لله. فما كان من قومه ألا أن اتهموه بالسحر والكذب، غير لائقروا من توعده إياهم العذاب، ويستعجلون هذا العذاب إن كان حقًّا. فدعا شعيب ربه قائلاً: (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين[الأعراف: 89]، (أي احكم بيننا وبين قومنا بالعدل وأنت خير الحاكمين). فطلب الله سبحانه من شعيب أن يخرج هو ومن آمن معه؛ لأن العذاب سينزل بهؤلاء المكذبين، ثم سلط الله على الكفار حرًّا شديدًا جفت منه الزروع والضروع والآبار، فخرج الناس يلتمسون النجاة، فإذا بسحابة سوداء، فظنوا أن فيها المطر والرحمة، فتجمعوا تحتها حتى أظلتهم، لكنها أنزلت عليهم حممًا حارقة، ونيرانا ملتهبة أحرقتهم جميعًا، واهتزت الأرض، وأخذتهم صيحة أزهقت أرواحهم، وحولتهم إلى جثث هامدة لا حراك فيها ولا حياة. ونجي الله شعيبًا والذين آمنوا معه من العذاب الأليم، قال تعالى: (ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود)[هود: 94- ذكره في القرآن : ورد ذكر شعيب عليه السلام في القرآن عشر مرات ، وفي مواطن متفرقة من سورة الأعراف ، وهود ، والشعراء ، والعنكبوت ، وقد أرسله الله إلى مدين ، ويعرفون أيضا بـ (أصحاب الأيكة) لقوله تعالى : (كذّب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقّون ؟) ويرى بعض المفسرين أن (أصحاب الأيكة ) قوم آخرون غير أهل مدين ، أرسله الله إليهم بعد هلاك مدين فكذبوه فأخذهم عذاب (يوم الظلة) والصحيح أن أهل مدين هم أنفسهم أصحاب الأيكة ، لأن سورة الشعراء وضحت انهم كانوا يطففون المكيال والميزان ، وهذا وصف أهل مدين ، وسمّوا بأصحاب الأيكة لأن الأيكة هي الغوطة التي يكثر فيها الشجر ، وقد كانوا يجمعون بين التجارة والزراعة ،و أراضيهم كانت كثيرة الأشجار ، وافرة الثمار ، وفيها الحدائق والبساتين الغناء فلذلك سموا بأصحاب الأيكة .
دعوة شعيب لقومه :
كان أهل مدين أهل تجارة وزراعة ، وكانوا أصحاب رفاهية ونعيم ، وقد كانوا على دينهم الذي ورثوه عن إبراهيم ، ولكنه لم يطل بهم العهد حتى غيّروا وبدلوا وكفروا بالله ، وانحرفوا عن الصراط المستقيم ، وقد فشت فيهم منكرات عديدة ، منها (التطفيف) في المكاييل والموازين ، فكانوا يبخسون الناس أشياءهم ، ويفسدون في الأرض ولا يصلحون .
وقد بعث الله إليهم (شعيبا) عليه السلام فدعاهم إلى توحيد الله وذكّرهم بعذابه ، ونهاهم عن تطفيف المكيال والميزان و أمرهم بالإصلاح وعدم الإفساد فآمن به قليل وكذّبه الأكثر ون ، وقد كان هؤلاء المكذّبون على غاية من الضلال والجحود ، يقعدون على الطرق يرصدون الناس الذين يأتون إلى شعيب ليصدوهم عن الدين ، ويمنعونهم عن الإيمان به ، وتوعدون من اتبعه بأنواع من التهديد والوعيد كما قال القرآن على لسان شعيب عليه السلام ( ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا ) ولما ألح عليهم شعيب عليه السلام في الدعوة والموعظة جاهر وه في العداء ، وادعوا أنهم لا يفقهون كلامه ، ولا يعرفون غرضه وتوعدوه بأنه لولا أن له أنصارا لقتلوه ثم هدّدوه وتوعدوه بالإخراج والطرد من القرية ، هو والذين آمنوا معه إلا أن يعودوا في ملتهم ، ويدخلون في دين قومهم .
العبرة من قصة شعيب :
العجب من هؤلاء القوم ، يأتيهم نبيهم الكريم بدعوة إنسانية كريمة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار فيقولون له : ( ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ..) مع أن دعوته في غاية الظهور والبيان ، ويدعوهم إلى ترك عبادة غير الله فيتوعدونه بالطرد من القرية ، وإخراجه هو ومن آمن معه ، ويأمرهم بترك ذلك المنكر القبيح (تطفيف المكيال والميزان ) فيجيبونه باسخف جواب وأتفه كلام ، ساخرين منه ، متهكمين عليه في صلاته وعبادته . عجب والله أن يهزأ الجاهل من العالم ، وأن يسخر المجنون من العاقل ، وان يصبح السفيه صاحب حجة وبيان يريد أن يظهر بها على خصمه الذي يدعوه إلى الفضيلة والطهر والعفاف ؟ متى كانت الاستفادة تعدّ نقصا ؟ ومتى كانت الفضيلة تعتبر عيبا يلام عليه الإنسان ؟ ولكنه منطق البغي والعدوان كما قال قوم لوط لنبيهم واتباعه من المؤمنين ( أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ..) كذلك كان موقف أهل مدين من شعيب عليه السلام (وقال الملأ الذّين كفروا من قومه لئن اتبعتهم شعيبا إنكم إذا لخاسرون )
هلاك قوم مدين :
ولقد كان من شدة حماقتهم أن يطلبوا إلى (شعيب) أن يسقط عليهم كسفا (قطعا) من السماء ، إن كان من الصادقين في دعوته ، فأخذهم عذاب (يوم الظّلة) بأن سلط الله عليهم الحر سبع أيام حتى غلت مياههم ، ثم ساق إليهم غمامة فاجتمعوا تحتها للاستظلال فرارا من شدة الحر . فلما تكامل عددهم في ظلها تزلزلت بهم الأرض ، وجاءتهم الصيحة وأمطرت عليهم السماء نارا فاحترقوا وصدق الله حيث يقول (فكذّبوه فأخذهم عذاب يوم الظلّة إنه كان عذاب يوم عظيم ..) .
| |
|
الامل مـــدير المنتدى الفنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى
عدد المساهمات : 19301 رصيد نقاط : 51750 رصيد حسابك فى بنك نور : 577 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 البلد : مصر
بطاقة الشخصية عـــائلــة نــــــــــور: 50
| موضوع: رد: العبرة من قصة شعيب : الخميس فبراير 18, 2010 7:57 am | |
| | |
|