آية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي (1939-..) هو قائد الثورة الإسلامية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأحد أهم المرجعيات الدينية الشيعية في إيران و لدى الشيعة في العالم الإسلامي على العموم.
المولد و النشأة
وُلد السيد علي الحسيني الخامنئي عام 1939 في مدينة مشهد في أسرة اشتهرت بالعلم والاجتهاد. والده هو آية الله السيد جواد الخامنئي (المتوفي عام 1986) من كبار علماء الدين في مشهد و جده هو السيد حسين الخامنئي من علماء آذربيجان المقيمين في النجف الأشرف. و من طريق الام هو من أحفاد الفيلسوف الايراني الكبير محمد باقر الشهير بـميرداماد صاحب كتاب القبسات.
المولد والنشأة
نشأ السيد الخامنئي في أسرة بسيطة وفي "وسط متدين". وفي سن الرابعة من عمره تعلّم في الكتّاب مع شقيقه الأكبر، ثم أتمّ دراسته الإبتدائية في مدرسة «دار التعليم الديني».
بعد إتمامه الدراسة الإبتدائية دخل مدرسة «سليمان خان» ثم مدرسة «نواب» لتلقي دروس آداب اللغة العربية والمنطق والفقه والأصول والفلسفة وذلك على يد أشهر المدرسين والعلماء في مدينة مشهد في تلك الفترة من أمثال الشيخ هاشم قزويني وجواد آقا طهراني وأحمد مدرس يزدي.
في سنّ الـ16، أي بعد إتمامه مرحلة السطح، بدأ بتلقي دروس الخارج(المرحلة العليا) لدى المرجع الميلاني.
استغرقت دراسته هذه سنتين، حيث زار العتبات المقدسة في العراق، وأتاحت له تلك الرحلة فرصة حضور دروس معظم علماء النجف، إلا أن والده طلب منه العودة إلى إيران.
في عام 1958م قدِم إلى مدينة قم (المدينة ذات المكانة الخاصة عند الشيعة) ودخل حوزتها العلمية لإكمال دراسته الدينية العالية في الفقه والأصول من خلال حضوره دروس كبار الأساتذة فيها من قبيل البروجردي والخميني والحاج آقا مرتضى الحائري والعلامة الطباطبائي، وقد قضى أثناء ذلك مرحلة دراسية مفعمة بالنشاط العلمي والفكري.
وفي أوج معارضته نظام الشاه ضمن الطليعة الأمامية للمجاهدين، وما تبع ذلك من أحداث اعتقال الخميني ونفيه، ألمّ بوالده مرض في عينه، اضطر لمغادرة قم وقرر الإلتحاق بأسرته وذلك بسبب حاجة والديه إليه.
بعد رجوعه إلى مدينة مشهد عام 1964م ، حيث حضر دروس "آية الله" ميلاني بعد بضع سنوات من ذلك، كما قام بتدريس الفقه والأصول لطلبة العلوم الدينية، وعمد في نفس الوقت إلى إقامة اجتماعات متعددة وذلك تزامناً مع ازدياد وارتفاع وتيرة الإضطرابات في البلاد. حيث كانت الإجتماعات تعج بطبقات الشعب المختلفة وخصوصاً الشباب والجامعيين، وقد اكتسبت شهرة واسعة بين أوساط "المجاهدين" في أنحاء البلاد.
حياته السياسية
بدأ معارضته لنظام الشاه محمد رضا بهلوي من خلال دوره في حركة المناضل نواب صفوي[بحاجة لمصدر]، وكذلك بعد رحلة الأخير إلى مشهد عام 1952 وإلقائه خطابات ثورية.
وجاء موت «نواب صفوي» بعد ذلك ليضع تأثيره العميق في نفسية الخامنئي. ومع بدء نهضة الإمام الخميني دخل السيد خامنئي ساحة "النضال" باعتباره أحد أقرب الموالين للإمام، وكان رائداً في مجال إرساء القواعد الفكرية وبيان مفاهيم "الثورة الإسلامية"، وكذلك في مجال "النضال العملي".
استمرت معارضته للحكم في إيران طيلة 16عاما وقد تخللتها صعوبات جمة من سجن وتعذيب[بحاجة لمصدر] ، ولم يأبه خلال هذه المسيرة للأخطار. في محرم عام 1383هـ وامتثالاً لأمر الخميني، حمل السيد الخامنئي رسالة من الخميني إلى "آية الله العظمى" الميلاني وباقي علماء خراسان يدعوهم فيها إلى ضرورة "فضح ممارسات نظام الشاه" خلال شهر محرّم الحرام.
وبعد إنجازه لتلك المهمة، واستكمالاً لتنفيذ أمر الإمام الخميني غادر إلى مدينة بيرجند للقيام بأنشطة مناوئة لنظام الحكم آنذاك، حيث أثارت خطاباته التي ألقاها في مسجد «بيرجند» حول أحداث الـرابع من حزيران 1963م مشاعر سكان المدينة المذكورة وهزّت معقل عَلم «رئيس الوزراء». إلا أنّه تعرض للإعتقال بسببها، وتبع ذلك اعتصام للمناصرين، بعدها تم نقله إلى مدينة مشهد، إلى أن أطلق سراحه من المعتقل العسكري بعد عشرة أيام من اعتقاله.
عزم السيد الخامنئي في رمضان عام 1383هـ (كانون الثاني عام 1963م) على الرحيل إلى جنوب البلاد برفقة عدد من طلبة العلوم الدينية من مدينة قم، وذلك حسب خطة مدروسة، وكانت مدينة زاهدان هي محطتهم، حيث ألقى فيها خطباً حماسية هاجم فيها أساليب نظام الشاه والذي تزامن مع الذكرى السنوية للإستفتاء الزائف[بحاجة لمصدر] الذي أجري في 25 كانون الثاني، وقد أدى ذلك إلى اعتقاله من قِبل عملاء الشرطة السرّية السافاك في 15 رمضان، وتمّ نقله جواً إلى العاصمة طهران برفقة اثنين من أفراد الشرطة، حيث قضى شهرين في سجن «قزل قلعه».
أقبل الشباب الثوري المتحمس في مدينتي مشهد وطهران بشكل ملفت على حضور دروس السيد الخامنئي في التفسير والحديث والفكر الإسلامي، الأمر الذي أثار حنق جهاز الشرطة السرية (السافاك) وقام بملاحقته، مما اضطره إلى العيش في طهران متوارياً وذلك في عام 1966م، لكنه اعتقل من قبل السافاك بعد عام واحد في 1967م.
وأدت نشاطاته السياسية وحلقات التدريس إلى اعتقاله من قبل جهاز السافاك في نظام الشاه في عام 1970م. في عام 1969م ارتسمت ملامح الحركة المسلحة في إيران بجلاء، وتوصل النظام "الديكتاتوري آنذاك" إلى قرائن تشير إلى ارتباط شخصيات من أمثال السيد الخامنئي بمثل هذه الحركة، ممّا دعا النظام المذكور وأجهزته الأمنية إلى التركيز وتضييق الخناق عليه وبالتالي اعتقاله للمرة الخامسة عام 1971م.
وقد دلت بوضوح ممارسات جهاز السافاك في السجون على مدى القلق الذي كان يشعر به بسبب انضواء الحركات المسلحة تحت مظلة التيارات الفكرية الإسلامية، ولم يكن السافاك ليفصل بين نشاطات السيد الخامنئي الفكرية والدعوية في مشهد وطهران وبين تلك التيارات.
وبعد إطلاق سراحه، بدأت حلقة دروسه السرية العامة في التفسير والدروس العقائدية تتسع وتكبر كان السيد الخامنئي يُلقي دروسه في التفسير والعقائد في مسجدي «الإمام الحسن» و«كرامت» وكذلك في مدرسة «ميرزا جعفر» في مدينة مشهد، وذلك بين عامي 1971 و 1974م، مما جعل هذه الأماكن مراكز استقطاب لعدد من المناصرين. وعند منبره تعلم طلبة العلوم الدينية دروس السيد الخامنئي، وقاموا بنشر أفكاره بين أوساط الجماهير خلال زياراتهم للمدن المختلفة "لأغراض الدعوة"، مما مهّد الطريق لتفجير مايسمى "الثورة الإسلامية" .
دفعت تلك النشاطات جهاز السافاك في عام 1974م إلى اعتقاله من منزله ومصادرة أوراقه وكتاباته. كانت تلك هي المرة السادسة لاعتقاله والأشدّ والأصعب، حيث بقي في الحبس الانفرادي في سجن اللجنة المشتركة للشرطة العامة حتى خريف عام 1975م. بعد إطلاق سراحه عاد إلى مدينة مشهد وعاود مزاولة نشاطاته العلمية والثورية، طبعاً مع حرمانه من عقد حلقات تدريس المعارف .
وبعد الانتصار تابع آية الله الخامنيئي تحقيق أهداف "الثورة الإسلامية"، حيث أقدم على إنشاء الحزب الجمهوري الإسلامي بالتعاون مع نخبة من رجال الدين ورفاق دربه من أمثال "بهشتي" و"باهنر" و"هاشمي رفسنجاني" و"موسوي أردبيلي" في آذار/مارس من عام 1978م، هذا الإقدام الذي هيأ الفرصة لحضور فعال وتنظيمي للقوى الحليفة للنظام في مواجهةالجماعات المعادية.
مناصب سياسية
وفيما يلي بعض المناصب التنفيذية وغير التنفيذية التي شغلها آية الله العظمى السيد علي الخامنئي في السنين الأولى لانتصار الثورة الإسلامية:
1- نائب وزير الدفاع (1979م).
2- مسؤول قوات حرس الثورة الإسلامية (1979م).
3- إمام جمعة طهران (1979م).
4- ممثل الخميني في مجلس الدفاع الأعلى (1980م).
5- ممثل الإمام لحلّ المعضلات السياسية وغيرها في محافظة سيستان وبلوجستان (آذار عام 1979م).
6- ممثل مدينة طهران في مجلس الشورى الإسلامي (1979م).
7- عند اندلاع الحرب المفروضة عام 1980م حصل السيد علي الخامنئي على إذن من الإمام الخميني للحضور في جبهات القتال الجنوبية، رغم المسؤوليات الجسام والمهام الكثيرة التي كان يمارسها، وقد تكررت زياراته إلى جبهات الحق ضد الباطل حيث كان حضوره يضفي حيوية ونشاطاًً على المقاتلين.
8- تعرض في 26 حزيران عام 1981م إلى محاولة اغتيال في مسجد «أبي ذر» بمدينة طهران، نقل على أثرها إلى مستشفى الأمراض القلبية، وسط أمواج الحزن والذهول التي عمّت مناصريه. وظل راقداً في المستشفى بسبب شدة جراحه إلى حين انتخابه لمنصب رئيس الجمهورية.
9- منصب رئيس الجمهورية: بعد مقتل السيد رجائي (ثاني رئيس للجمهورية الإسلامية في إيران) رشحت القوى الثورية السيد علي الخامنئي لخوض معركة رئاسة الجمهورية، وبالفعل فقد حصل على أكثر من 16 مليوناً صوتاً من مجموع 17 مليوناً، وأصبح في عام 1981م ثالث رئيس للجمهورية الإسلامية في إيران وذلك بعد مصادقة الخميني على مرسوم تنصيبه، وأعيد انتخابه لفترة رئاسية ثانية من 1985م – 1989م. واقترنت فترتا رئاسته بأهمية خاصة وذلك لأنها سجلت تقلبات مرحلة حساسة وهي الحرب مع العراق، والتحديات التي كانت يواجهها النظام آنذاك، وبدء عملية الإعمار بعد الحرب، وكثير من الأحداث الخطيرة الأخرى مما جعلها فترة حساسة في تاريخ الثورة الإسلامية حاضراً ومستقبلاً. كما شغل السيد الخامنئي وبأوامر منفصلة من قبل الإمام الخميني عدة مناصب، منها:
10- رئيس المجلس الأعلى للثورة الثقافية عام 1981م.
11- رئيس مجلس سياسات البلاد العليا عام 1987م.