مع بداية القرن الحادي والعشرون بدأت الفنون الافريقية
في الظهور وأخذ مكانها بين الفنون العالمية والأعتراف بها
ضمن سائر فنون التراث الإنساني ، ولم يكن هذا الأعتراف
سهلاً ويسير لدي العالم ، أنما جاء نتيجة عوامل كثيرة أهمها
الإقتباس من الفنون الأفريقية ودراسة الفنون البدائية التي
ملئــت المتاحف الغربية منذ قرون قديمة عن الفنون الأفريقية .
أن الفنون كانت همزة الوصل وأســس الترابط الشديد بين
الشعوب داخل القارة الأفريقية برغم قسوة المناخ وإنتشار
الأوبــئة والأمراض المستعصية والحشرات السامة والفتاكة
لم تقلل من بروز الفنون لحياة الشعوب ، وكانت الدعامة للفرد
والحافز علي التشجيع للحياة والإستقرار في مكافحة الطبيعة
دون يـــأس .
من هنا يأتي دور الفنون النوبية كأقدم الفنون الأفريقية وهي
بمثابة هـــرم الفنون الأفريقيـــة في الإحتـفـــاظ بجزء كبير من
فنونها سواء في الزخارف والألوان والبناء والموســــيقي
والرقصــــات والملابس وخلافه ، وعند إســــــتعراض الأشكال
والزخارف المنقوشة علي البيوت تنفرد عن الفنون الأفريقية
الأخري ، لكونها تأتي علي أشكال وحدات زخرفية يمثــــــل
أشجاراً والبعض طيوراً وحيوانات أليفة ومفترسة وعــرائس
وأطباق ذات أشكال هندسية بجوار بعضها لبعض لتبدو لوحة
متكاملة وجميلة وجذابة بها كافة التصورات والتعبيرات الحسية
لدي الإنسان العاشق لفنه وأرضه وبلاده ، وتضاف اليها زخارف
خطية دقيقة وتبدو وكانها مطرزة من شدة الإتقان والنسيج
الدقيق والروعة العالية لدي ذوق العنصر النسائي في النوبة.
يأتي تميز الفنون النوبية عن غيرها من خلال الشغف بالألوان أكثر
من بعضها الأخر مثل اللون الأحمر المائل إلي الزرقة واللون
البنفسجي واللون الوردي واللون الأبيض خصوصاً في الطلاء
أو الرسم علي الجدران ، حيث يمزج الجير مع القليل من المواد
الصمغية ثم يتخذ من سيقان الجريد بديلاً عن الفرشاة أو ريش
الطيور أو عيدان السعف .
الفنون في النوبة التي نعرفها اليوم من عظمة وشموخ ، لم
تكتمل ولم يكتب عنها المزيد من التراث الفني النوبي ، ولم
نكتشف المزيد من ثقافتها وماضيها بعد الحسرة علي فقدان
فنون النوبة وتسجيل كافة مظاهرها التي غمرتها ميـــــــاه
الســـد العــالـي ، وكانت العامل الوحيد في فقدان الفنون
النوبية القديمة إلي الأبد وإلي قيام الساعة برغم إصـــرار
أهل النوبة في توريث هذه الفنون الباقية جيل وراء جيل
والإحتــــفاظ بما تبقي من ألــــوان الفنون النوبية .
النـــــوبة اليــــــوم فـي مســـيس الحاجــة إلي منصفـــين
ومصنفين للكتابة عن آثار النوبة دون زيف أو روتوش أو مكياج
لتبقي الصورة أجمل وأكثر جمالاً وأكثر تعبيراً وأكثر بهــــــاءاً .