مارية القبطيّة مولاة الرسول " استوصوا بالقبط خيراً فإن لهم ذِمّة ورحِماُ
" حديث شريف هي ماريـة بنت شمعون القبطيـة ، أهداها له المقوقس القبطي
صاحب الإسكندرية ومصر ، وذلك سنة سبع من الهجرة ، أسلمت على يدي حاطـب بن
أبي بلتعة وهو قادم بها من مصر الى المدينـة ، وكانت -رضي الله عنها- بيضاء
جميلة ، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يطؤها بملك اليمين ، وضرب عليها
الحجاب ، وفي ذي الحجـة سنة ثمان ولدت له إبراهيم الذي عاش قرابـة
السنتيـن ، وكانت أمها روميّة ، ولها أخـت قدمت معها اسمها سيرين ، أهداها
النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- لشاعره حسّان بن ثابت ، وقد أسلمت أيضاً مع
أختها000 هدايا المقوقس بعد أن استتـب الأمن للمسلميـن ، وقوية هيبتهم في
النفـوس ، أخذ الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يوجه الرسل والسفراء لتبليغ
رسالة الإسلام ، ومن أولئك ( المقوقس عظيم القبط ) وقد أرسل حاطب بن أبي
بلتعة رسولاً إليه000وعاد حاطب الى المدينة مُحَمّلاً بالهدايا ، فقد أرسل
المقوقس معه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشياء كثيرة : مارية وأختها
سيرين ، وغلاماً خصياً أسوداً اسمه مأبور ، وبغلة شهباء ، وأهدي إليه
****اً أشهب يقال له يعفور ، وفرساً وهو اللزاز ،وأهدى إليه عسلاً من عسل
نبها -قرية من قرى مصر-000 وقبِل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الهدايا ،
واكتقى بمارية ، ووهب أختها الى شاعره حسان بن ثابت000وطار النبأ الى
بيوتات الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قد اختار مارية المصرية لنفسه ،
وكانت شابة حلوة جذابة ، وأنه أنزلها في منزل الحارث بن النعمان قرب
المسجد000 مارية أم إبراهيم ولقد سعدت مارية أن تهب لرسول الله -صلى الله
عليه وسلم- الولد من بعد خديجة التي لم يبقَ من أولادها سوى فاطمة -رضي
الله عنها- ، ولكن هذه السعادة لم تُطل سوى أقل من عامين ، حيث قدّر الله
تعالى أن لا يكون رسوله -صلى الله عليه وسلم- أباً لأحد ، فتوفى الله تعالى
إبراهيم ، وبقيت أمه من بعده ثكلى أبَد الحياة000 فقد مَرِض إبراهيم وطار
فؤاد أمه ، فأرسلت إلى أختها لتقوم معها بتمريضه ، وتمضِ الأيام والطفل لم
تظهر عليه بوارق الشفاء ، وأرسلت الى أبيه ، فجاء الرسول -صلى الله عليه
وسلم- ليرى ولده ، وجاد إبراهيم بأنفاسه بين يدي رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- فَدَمِعَت عيناه وقال تَدْمَع العين ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما
يُرْضي ربَّنا ، والله يا إبراهيم ، إنا بك لَمَحْزونون )000 وصية الرسول
قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- إنّكم ستفتحون مِصـر ، وهي أرض يُسمّى
فيها القيـراط ، فإذا فتحتوها فأحسنوا إلى أهلها ، فإن لهم ذمة ورَحِماً
)000وقد حفظ الصحابة ذلك ، فهاهو الحسن بن علي -رضي الله عنهما- يكلّم
معاوية بن أبي سفيان لأهل ( حفن ) -بلد مارية- فوضع عنهم خراج الأرض000كما
أن عبادة بن الصامت عندما أتى مصر فاتحاً ، بحث عن قرية مارية ، وسأل عن
موضع بيتها ، فبنى به مسجداً000 وفاتها وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه
وسلم- بقيت مارية على العهد إلى أن توفاها الله في عهد عمر بن الخطاب -رضي
الله عنه- في شهر محرم سنة ست عشرة000رضي الله عنها وأرضاها00