السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياة الشهداء بعد الموت: رؤية علمية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وهذا بحث جديد لأحد الباحثين حول الشهادة وكرامة الشهداء عند الله، يتناول فيه الباحث رؤية علمية جديدة لإعجاز يتجلى في الشهادة في سبيل الله...
هم مؤمنون اصطفاهم الله تعالى لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه ففازوا و ربحت تجارتهم... فأكرمهم الحي القيوم بالحياة بيننا مع أننا لا نشعر بذلك...؟؟؟
يقول تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) [البقرة: 154]. هؤلاء الذين وضعوا بعد مرتبة الصديقين وقبل الصالحين في قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69-70].
الذي يتأمل الآية الكريمة ويتدبر عبارة(بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) سيجد فيها إعجازاً رائعاً، لأن مصيرنا الفناء إلا أجساد الأنبياء كما روي عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) في سنن أبي داوود والنسائي.
إن الشهداء تبقى أجسادهم بيننا غضة طرية لأن أرواحهم تتغذى من ثمار الجنة وهذا ما يعلل رائحة المسك ونزفهم للدم ونمو اللحية وتعرقهم وبقاء ملابسهم كما هي مع أن بعض الشهداء قد مضى على استشهادهم سنين وعقود وحتى قرون، وهو يعلل عدم تحلل الخلايا وعدم اقتراب الميكروبات والحشرات والقوارض منها.
فناء الأجساد طبياً
من المعلوم أن فناء اللحم يكون بين ستة أشهر إلى عام والعظم بين عشرين إلى خمسين عاماً، ويتحلل الجسد حسب طبيعة الجو المحيط (الرطوبة والحرارة والتعرض للشمس ومكان وطبيعة الموت وطبيعة الجسد) (1).
مراحل التحلل: عند موت الإنسان يبدأ التحلل داخلياً بعد أربع دقائق وهو ما يسمى علمياً التحلل الذاتي، فيستهلك الأوكسجين وتزداد نسبة ثاني أكسيد الكربون والفضلات التي تسمم الخلايا،
ثم تبدأ بعض الأنزيمات بتحليل الخلايا من الداخل بسبب ازدياد نسبة الحموضة فتفكك الشحوم والبروتينات والسكريات لعناصر أبسط، وهذا التحلل لا يكون ظاهر للعيان في الأيام الأولى ولكنه يكون كثيف في الكبد بسبب كثافة الأنزيمات والدماغ بسبب نسبة السوائل الموجودة به، ويتغير لون الدم ويتجمع الدم تحت الجلد، وبسبب ازدياد نسبة الحموضة تتجلط السيتوبلازما، ثم تبدأ مرحلة البلاء أو الاهتراء، حيث تقوم البكتريا اللاهوائية والهوائية والفطور بتحليل الخلايا بعد أن قضت على الدفاعات المتبقية من الكريات البيض وتجعلها تنهار بالكامل وتحولها لغازات وسوائل ومواد أولية، ويتغير لون الدم إلى الأخضر القاتم، والغازات الناتجة عن التحلل هي الميثان و ثاني أكسيد الكربون وسلفيد الهيدروجين والأمونيا.
وإن لم تخرج من الفتحات الطبيعية قد تتسبب بانفجار الجسد، وهذه الغازات هي التي تعطي رائحة الإنتان لجسد الميت، وكل هذا ضمن الأسبوع الثالث، ثم تقوم بعض الحشرات التي لها دور هام في الفناء بوضع بيوضها في الفتحات الموجودة وتقوم يرقاتها بالغذاء على الجسد المتحلل، ثم تتعاون كل هذه المخلوقات على تحليل اللحم والعظم ويفنى اللحم قبل العظم بسبب طبيعته، وهنا تبدأ مرحلة التحلل الجاف حيث ينبت على العظم المتبقي طحالب تساهم في تفتيته وذلك حسب الرطوبة المتوفرة، وفي العقد الأول تظهر على العظام شقوق ويتقشر ولكنه يتحول إلى غبار مع مرور الوقت ( أي من التراب وإلى التراب نعود ) (2).
كرامات الشهداء والروايات الموثقة:
أتانا عن طريق التواتر قصص مروية عن أشخاص ثقات، أن بعض الذين استشهدوا في سبيل الله تعالى قد بقيت أجسادهم غضة طرية لمدة سنوات وعقود وحتى قرون بدون أن يتغير لون الجلد، وأن رائحة المسك كانت تخرج منهم ودمائهم تنزف من مكان إصابتهم ومنهم من طالت لحاهم ومنهم من بقيت أجسادهم في الأرض الفلاة لسنين ولم تأكلها الضباع ولا الكلاب... !!!!
شهداء أحد :
ذكر الدكتور طارق السويدان في سلسلته (قصة النهاية) نقلا مباشراً عن الشيخ محمود الصواف الحادثة العظيمة التي تشرف بها بعض العلماء في إعادة دفن بعض شهداء أحد وكيف أنه بعد مضي 1400 سنة من استشهادهم كانت أجسادهم باقية كما هي لم تتغير ولم تتعفن ولم تتحلل.
يقول الدكتور السويدان: (وقد حدثنا الشيخ محمود الصواف رحمه الله انه دُعي فيمن دُعي من كبار العلماء لإعادة دفن شهداء أحد في مقبرة شهداء أحد التي أصابها سيل فانكشفت الجثث: يقول من الجثث التي دفنت كان حمزة رضي الله عنه، فيقول ضخم الجثة مقطوع الأنف والأذنين بطنه مشقوق وقد وضع يده على بطنه فيقول فلما حركناه ورفعنا يده سال الدم) (3).
شهداء فلسطين الطاهرين:
* «نسمع كثيرا عن كرامات الشهداء، وغالباً ما كنت أعتقد أنه مبالغ فيها ولا أصدقها برغم إيماني بوجودها، لكن ما حدث قبل أيام جعلني أصدق كل ما أسمعه، فعندما فتحنا القبر وجدنا الشهيد سمير شحادة كما تركناه قبل 15 عاما، وكأنه استشهد قبل ساعة واحدة فقط».. بهذه الكلمات علق ماهر كتوت من البلدة القديمة في نابلس حينما شاهد كالمئات غيره واحدة من تلك الكرامات، فقد كان الجسد سالماً من أي تغيير، فكان على حاله يوم استشهاده!! - يقول عامر شقيق سمير: «توجهنا بعد وفاة والدتي إلى المقبرة لنفتح قبر شقيقي استعداداً لدفن الوالدة فيه كما أوصت في حياتها، وكنا قد استفتينا عددا من العلماء حول جواز دفنها في نفس قبر ابنها، فأشاروا لنا بالجواز بسبب طول المدة، فقد كنا نعتقد إن مدة 15 عاماً كافية لأن لا يبقى من جسده سوى بعض العظيمات، عندما فتحنا القبر كانت المفاجأة الكبرى أننا وجدنا سمير كهيئته يوم استشهاده، وجسده كما هو لم يأكله الدود، حتى ملابسه لم تتلف، وكذا العلم الفلسطيني الذي لُفَّ به لم يتغير لونه، لمسناه فإذا هو مبلول من مياه الأمطار التي تساقطت يوم استشهاده، وكذلك رأسه كان مبتلاً وقد رأينا شعره ممشطاً كما لو أنه قد سرحه قبل لحظات...! وزادت دهشتنا عندما هممنا بتحريكه لنفسح المجال لدفن الوالدة إلى جانبه، فإذا بجسده ما زال دافئاً ودماؤه الحارة ذات اللون الأحمر القاني تسيل من جديد وكأنه أصيب قبل دقائق معدودة». (4)
* فوجئ جعفر شقيق الشهيدين القساميين محمد وعاصم ريحان من بلدة تل جنوب غرب نابلس لدى فتح قبر الشهيد محمد بعد مرور مائة يوم على استشهاده في يوم 18/2/2002 و أثناء محاولة العائلة والأهالي تجهيز القبر لبناء ضريحه وضريح الشهيد القسامي ياسر عصيدة من كتائب القسام فوجئوا برائحة المسك المعطرة تفوح بعبقها من الجثمان لدى فتح القبر، ولمس جعفر دم الشهيد فوجده لا زال ساخناً وكان نائماً نومة العروس المطمئنة وأنه فكّر بإيقاظه، ورأى عرقه على جبينه ومسحه بيده أمام ذهول الناس، والأكثر عجباً ودليلاً على كرامة الشهداء هو أن لحية الشهيد قد طالت أكثر فكبر الأهالي وحمدوا الله تعالى على كرامة الشهيد.
* الشهيد أنور حمران : ذهبت والدته وزوجته و شقيقاته لوداعه وكان في ثلاجة المستشفى وبعد عناقه أصاب دمه ملابس زوجته وأمه وعند خروجهما من المستشفى فاحت رائحة المسك من دمه بشكل قوي جداً.
* الشهيد محمد يوسف الأشقر ابن كتائب الأقصى دمه لم يتوقف عن التدفق من رأسه مكان الإصابة منذ بداية الإصابة و حتى نزوله للقبر.
الغلام النصراني:
قال القرطبي في كتابه: وهكذا حكم من تقدمنا من الأمم ممن قتل شهيداً في سبيل الله أو قتل على الحق كأنبيائهم، وفي الترمذي في قصة أصحاب الأخدود: [أن الغلام الذي قتله الملك دفن]، قال: يذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب وأصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل. وقصة الأخدود: مخرجه في صحيح مسلم، وكانوا بنجران في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم. (5)
شهداء النكبة المصريين :
يروي الدكتور محمود النجار أنه شارك شخصياً مع أخيه عام 1956م في احتفال تكريمي أقيم لشهداء من الجيش المصري، الذين جاهدوا في سبيل الله تعالى ضد الصهاينة عام 1948م. وقد رأى بأم عينه نقل حوالي خمسة وأربعين شهيداً بملابسهم، ما زالت أجسادهم كما هي، رغم مضي ثمانية أعوام على استشهادهم .. !!! (5)
الشهيد الأردني :
الشهيد العريف حسين محمد عوض المومني من عبين في عجلون – الأردن. استشهد على أرض فلسطين عام 1976م في طوباس، ثم وجدت جثته بعد عشرة سنوات من استشهاده كما هي لم تتغير، وقد رفض أهل طوباس نقل جثة الشهيد إلى مسقط رأسه، تيمناً بها و تكريماً لها.
شهداء أفغانستان :
* كان أحد المجاهدين حافظا للقرآن واسمه (سيد شاه) عابداً متهجداً وكان صاحب رؤيا صادقة (رؤاه تأتي كفلق الصبح) وله كرامات كثيرة؟ ثم استشهد؟ أتي قبره بعد سنتين ونصف فكشف فوجد كما هو إلا أن لحيته طالت؟ والأعجب من هذا أنه وجدت فوقه عباءة سوداء حريرية لم ير مثلها أبدا في الأرض و رائحتها أطيب من المسك والعنبر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
* قال حبيب الله : استشهد أخي ياقوت وبعد ثلاثة شهور رأته أمي في المنام فقال: كل جروحي برأت إلا جرح في رأسي؟ فأصرت أمي أن تفتح القبر - وكان قبر أخي بجانب قبر آخر- فظهرت حفرة ظهر من خلالها القبر الآخر؟ فرأينا أفعى فوق الميت فقالت أمي لا تحفروا فقلت: إن أخي شهيد ولا يمكن أن نجد أفعى؟ وعندما وصلنا للجثة فاحت العطور وعبقت في أنوفنا حتى كدنا نتخدر لشدة الرائحة؟ ووجدنا جرحه الذي في رأسه ينزف دما ؟ فوضعت أمي إصبعها في دمه فتعطر إصبعها و بقي بعد مرور ثلاثة أشهر معطراً يعبق شذى طيبا.
* كان (عبد الجليل) طالب علم صالح فأصابته قذيفة طائرة فاستشهد؟ وبعد صلاة الجنازة عليه عصرا أرسلوه إلى بيت أبيه وبقي حتى الصباح؟ والمجاهدون عنده وهو يفتح عينيه ويبتسم؟ فجاء المجاهدون إلى (أرسلان) وقالوا له أنه لم يمت و لا يجوز دفنه حتى نتأكد من حياته ولا بد من إعادة صلاة الجنازة عليه؟ قال (أرسلان): إنه استشهد بالأمس ولكن هذه كرامات الشهيد.
* حدثني محمد صاحب -وهو مدعي عام خريج الشريعة في كابل- قال: لقد رأيت العرق يفيض من جبين الشهيد عيد محمد بعد ثلاثة أيام من استشهاده، و هو من طلبة العلم في زرمت قرب كرديز، وكلما مسحنا العرق عن جبينه فاحت رائحة المسك وفاض العرق مرة أخرى.
صور بعض من استشهد في سبيل الله ونرى الابتسامة واضحة على وجوههم - إضغط على الصورة لتراها بحجمها الطبيعي
سبحان الله ... هل رأيت وجه هذا الشهيد , ماذا رأى يا ترى !! لا بد أنه رأى شيئاً جعله سعيداً هكذا ,شيئاً طال انتظاره , شئياً هو مؤمن به ولم يره انسان في هذا الوجود, هذا هو الشهيد.. هذه هي كرامة الشهدا وما وعدهم الله به وأعده لهم , اللهم شرفنا بشرف الشهادة
و قصص أخرى في الكتب التالية: آيات الرحمن في جهاد الأفغان (عبد الله عزام) الميكروبات وكرامات الشهداء (دكتور عبد الحميد القضاة) و ملحمة الفلوجة (هيئة العلماء المسلمين).
ما هو موقف العلم من هذا:
العلم وقف عاجزاً عن تحليل هذا الأمر والملحدون شككوا فيها وسموها خرافات وهناك من المسلمين من بني جلدتنا من شكك أيضاً للأسف الشديد.
الدكتور عبد الحميد قضاة اجتهد وعلل ذلك بأن المكروبات هي جنود لله تعالى تنفذ أمره وقد أمرها بأن لا تقرب جسد الشهيد، لكن كيف سنعلل ابتسامتهم ونزيف دمائهم و تعرقهم و نمو لحاهم ورائحة المسك التي تخرج منهم... !!!
أحياء ولكن لا تشعرون – عند ربهم يرزقون:
من يتدبر هاتين الجملتين يجد فيهما إعجازاً ذلك لأننا نراهم جسداً ساكناً ونظنهم (نحسبهم) أمواتاً لأننا لا نشعر بما يحدث لأرواحهم التي تسرح في الجنة وتتنعم بنعيمها و ترزق من ثمارها.
لنستعرض الآيات الكريمة وتفسيرها من تفسير الطبري، (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون) يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر على طاعتي في جهاد عدوكم، وترك معاصي، وأداء سائر فرائضي عليكم، ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله: هو ميت، فإن الميت من خلقي من سلبته حياته وأعدمته حواسه، فلا يلتذ لذة ولا يدرك نعيماً، فإن من قتل منكم ومن سائر خلقي في سبيلي، أحياء عندي، في حياة ونعيم، وعيش هني، ورزق سني، فرحين بما آتيتهم من فضلي، وحبوتهم به من كرامتي. كنا نحدث: أن أرواح الشهداء تعارف في طير بيض يأكلن من ثمار الجنة، وأن مساكنهم سدرة المنتهى، وأن للمجاهد في سبيل الله ثلاث خصال من الخير: من قتل في سبيل الله منهم صار حياً مرزوقاً، ومن غلب آتاه الله أجراً عظيماً، ومن مات رزقه الله رزقاً حسناً. ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء، في صور طير خضر يطيرون في الجنة حيث شاؤوا منها، يأكلون من حيث شاؤوا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهداء على بارق، نهر بباب الجنة، في قبة خضراء - وقال عبدة: في روضة خضراء - يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشياً (حديث حسن). حدثنا أبو كريب قال: أرواح الشهداء في قباب بيض من قباب الجنة، في كل قبة زوجتان، رزقهم في كل يوم طلعت فيه الشمس ثور وحوت. فأما الثور، ففيه طعم كل ثمرة في الجنة، وأما الحوت ففيه طعم كل شراب في الجنة.
قال أبو جعفر : فإن قال قائل: فإن الخبر عما ذكرت أن الله تعالى ذكره أفاد المؤمنين بخبره عن الشهداء من النعمة التي خصهم بها في البرزخ، غير موجود في قوله: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء، وإنما فيه الخبر عن حالهم، أموات هم أم أحياء. قيل: إن المقصود بذكر الخبر عن حياتهم، إنما هو الخبر عما هم فيه من النعمة، ولكنه تعالى ذكره لما كان قد أنبأ عباده عما خص به الشهداء في قوله: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) [آل عمران: 169] وعلموا حالهم بخبره ذلك، ثم كان المراد من الله تعالى نهي خلقه عن أن يقولوا للشهداء أنهم موتى، ترك إعادة ذكر ما قد بين لهم من خبرهم.
وأما قوله: ولكن لا تشعرون، فإنه يعني به: ولكنكم لا ترونهم فتعلموا أنهم أحياء، وإنما تعلمون ذلك بخبري إياكم به. وإنما رفع قوله: أموات بإضمار مكني عن أسماء من يقتل في سبيل الله، ومعنى ذلك: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله هم أموات. ولا يجوز النصب في الأموات، لأن القول لا يعمل فيهم، وكذلك قوله: بل أحياء، رفع، بمعنى: هم أحياء.
يقول تعالى في سورة آل عمران: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 169-171]. من تفسير الطبري - ولا تحسبن، ولا تظنن.
وقوله : الذين قتلوا في سبيل الله، يعني: الذين، قتلوا بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمواتا، يقول: ولا تحسبنهم، يا محمد، أمواتاً لا يحسون شيئاً ولا يلتذون ولا يتنعمون، فإنهم أحياء عندي، متنعمون في رزقي، فرحون مسرورون بما آتيتهم من كرامتي وفضلي، وحبوتهم به من جزيل ثوابي وعطائي، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش. فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم قالوا يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا! لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا على الحرب! فقال الله عز وجل : أنا أبلغهم عنكم. فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الآيات) [رواه مسلم].
قال صلى الله عليه وسلم : إنه لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في،ظل العرش، فيطلع الله إليهم اطلاعة فيقول : يا عبادي، ما تشتهون فأزيدكم ؟ فيقولون : ربنا، لا فوق ما أعطيتنا! الجنة نأكل منها حيث شئنا! ثلاث مرات، ثم يطلع فيقول : يا عبادي، ما تشتهون فأزيدكم ؟ فيقولون : ربنا، لا فوق ما أعطيتنا! الجنة نأكل منها حيث شئنا! إلا أنا نحب أن ترد أرواحنا في أجسادنا! ثم تردنا إلى الدنيا فنقاتل فيك حتى نقتل فيك مرة أخرى. ذكر وزاد فيه : إني قد قضيت أن لا ترجعوا.
وفي نصب قوله : فرحين وجهان. أحدهما: أن يكون منصوباً على الخروج من قوله: عند ربهم.
والآخر من قوله : يرزقون، ولو كان رفعاً بالرد على قوله : بل أحياء فرحون، كان جائزاً. أما يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، فإن الشهيد يؤتى بكتاب فيه من يقدم عليه من إخوانه وأهله، فيقال : يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، فيستبشر حين يقدم عليه، كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا. يستبشرون بنعمة من الله وفضل - أي بجنة من الله، ويقال : بمغفرة من الله وفضل هذا لزيادة البيان، والفضل داخل في النعمة، وفيه دليل على اتساعها، وأنها ليست كنعم الدنيا، وقيل : جاء الفضل بعد النعمة على وجه التأكيد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : للشهيد عند الله ست خصال، كذا في الترمذي وابن ماجة ست، وهي في العدد سبع يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه وهذا تفسير للنعمة والفضل.
قوله تعالى : وأن الله قرأه الكسائي بكسر الألف، والباقون بالنصب، فمن قرأ بالنصب فمعناه يستبشرون بنعمة من الله ويستبشرون بأن الله لا يضيع أجر المؤمنين، ومن قرأ بالكسر فعلى الابتداء، ودليله قراءة ابن مسعود (والله لا يضيع أجر المؤمنين).
و قوله تعالى : بل أحياء عند ربهم يرزقون ولا يرزق إلا حي فلا يتعجل الأكل والنعيم لأحد إلا للشهيد في سبيل الله بإجماع من الأمة (6).
لاحظ أخي المؤمن أن العلماء قد أجمعوا على أن أرواح الشهداء تأكل من ثمار الجنة، فاقرأوا معي ما قاله الرسول الكريم عمن يأكل من ثمار الجنة وما يصيبه بسبب ذلك.
قال صلى الله عليه وسلم : (إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون قالوا فما بال الطعام قال جشاء ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس) [رواه مسلم]. يقول ابن تيمية: من دخل الجنة فله الكرامة، له في الجنة ما اشتهت نفسه، ولذت عينه، كل ما يتمناه يحصل له، وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ. ليس فيها هموم ولا غموم ولا أكدار ولا أمراض ولا أسقام، ولا حر ولا برد، ولا برص ولا غبار، ولا مخاط ولا بول ولا غائط، ولا شيخوخة، ولا هرم، ولا موت، شباب دائم، وصحة دائمة، ونعيم دائم؛ نسأل الله أن يرزقنا من فضله. (7)
ونحن نعلم أن في حياة البرزخ تتأثر الجسد بحال الروح وأن الجسد يصبح مرتبطاً بالروح عند الوفاة، وبما أن أرواح الشهداء ترزق من ثمار الجنة فالأرواح سيكون حالها مثل حال أهل الجنة الذين سيقيمون بها، بالتالي فإن الجسد ستتنعم بما تتنعم به الروح، ولذلك نرى أن الشهداء يرشحون المسك ودمائهم تنزف ويتعرقون و تطول لحاهم ويبقى جسدهم طرياً و ثيابهم كما هي، وهذا ما يعلل سبب عدم اقتراب الميكروبات والحشرات والحيوانات من هذا الجسد لأن عملها محدود بالأرض الفانية.
وقد قال شارح العقيدة الطحوية: (وحرم الله على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء...، أما الشهداء، فقد شوهد منهم بعد مددٍ من دفنه، كما هو لم يتغير، فيحتمل بقاؤه كذلك في تربته إلى يوم محشره، ويحتمل أنه يبلى مع طول المدة، وكأنه كلما كانت الشهادة أكمل، والشهيد أفضل، كان بقاء جسده أطول).
أفرد البخاري في الجزء الرابع من صحيحه باباً في "فضل الجهاد والسير". ويبدؤه بالآية الكريمة: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 111]. فالشاري هو الله تعالى وكما نعلم فالخير يعم والشر يخص فلحق الجسد ما لحق الروح من تكريم من عليين ...
إن هذا التكريم الإلهي للشهداء هو دليل على صواب الطريق وصحة المسيرة، وهو اصطفاء واختيار من الله تعالى للمخلصين من عباده، فهم مكرمون بالدنيا والآخرة، وهي إشارات خير وبشرى، تطمئن قلوب ذويهم، وتشحذ همم محبيهم، وهذا يشوقنا لتمني الشهادة في سبيل الله.