في رسالة (مقالة نقدية -فاضحة!) نشرت في "هآرتس" موجهة إلى عمير بيرتس، وزير الأمن الإسرائيلي الجديد، فتح الصحافي الإسرائيلي يوسي ميلمان، الخبير في شؤون المخابرات والجاسوسية، النار على تجارة السلاح التي يمارسها إسرائيليون في جميع أنحاء العالم. ويذكر في هذا السياق أن ميلمان نشر عدة كتب عن المخابرات الإسرائيلية، الشاباك والموساد، وعلى دراية بما يدور داخل أروقة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية .
وجاء في مقالته أن تجار السلاح الإسرائيليين "يتشيطنون" في أنحاء العالم، فلا توجد مواجهة عسكرية أو نزاع إثني أو حرب أهلية بدون تدخل هؤلاء التجار والمستشارين الأمنيين والمرشدين الإسرائيليين، الذين يبيعون السلاح الإسرائيلي من فائض الأسلحة في الجيش الإسرائيلي. وأضاف أنه في كل يوم تقريبا يصل إلى إسرائيل فريق أمني لشراء الأسلحة، يتم استدعاؤه من قبل تجار السلاح وشركات التصدير الأمني.
وكان تقرير "أمنستي" الذي صدر الأسبوع الماضي قد أشار إلى "المكانة" الموجودة لإسرائيل في أسواق بيع السلاح، بهدف لفت الرأي العام العالمي إلى حقيقة أن تجارة السلاح تؤدي إلى ديمومة الصراعات وتأجيج نيران الحروب والمس بحقوق الإنسان.
وفيما يلي بعض ما جاء في مقالة يوسي ميلمان في صحيفة "هآرتس":
اقتباس:
[يعتبر عمير بيرتس نفسه وزير أمن "اجتماعي". وكمن جاء من الوسط المدني، فلديه الفرصة ليكون وزير أمن أخلاقياً- ليس فقط في توجهه إلى الفلسطينيين، وإنما في الشكل الذي تؤثر فيه وزارة الأمن على السياسة الخارجية. والحديث عن أحد الحقول المنتهكة في السياسية الإسرائيلية، وهي تجارة السلاح.
يعربد تجار الأسلحة الإسرائيليون في كل أرجاء العالم ، فلا توجد مواجهات عسكرية أو صراعات عرقية أو حروب أهلية، بدون أن يكون إلى جانب أحد الطرفين (أحيانا كلا الطرفين..!!) تجار أسلحة ومستشارون أمنيون ومرشدون وحراس من إسرائيل!
فهم يبيعون أسلحة من صناعة إسرائيل، من فائض الإنتاج في الجيش أو من أي مصدر آخر في العالم لكل من يطلب، ومن الممكن أن يكون حاكم متعطش للدماء أو زعيم مليشيا أو رئيس هيئة أركان عامة في الجيش.
ويصل كل يوم تقريباً إلى إسرائيل بعثات أمنية من أجل شراء الأسلحة أو الخبرة الأمنية. ويتم استدعاء هذه البعثات من قبل تجار الأسلحة أو شركات التصدير الأمني، التي تهتم بعرض المنظومات الجديدة، وحتى تنظيم مقابلة مع وزير الأمن وكبار الضباط .
كان الأسبوع الماضي كفيلاً بالتذكير بـ"المكانة" الموجودة لإسرائيل في أسواق بيع السلاح الدولية، وذلك من خلال تقرير "أمنستي". ورغم أن إسرائيل لم تكن الوحيدة، وإنما إلى جانب عدد من الدول المتطورة، إلا أن التقرير كان يهدف إلى لفت الرأي العام العالمي إلى حقيقة أن السلاح الذي يقوم بتزويده تجار الأسلحة يؤدي إلى ديمومة الصراعات وتأجيج نيران الحروب، كما ويمس بأبرياء، بينهم أطفال، في الوقت الذي يساعد الزعماء، الذين يخلون بحقوق الإنسان بشكل منهجي، على البقاء في السلطة. وكل رصاصة تطلق لا يوجد لها عنوان تصل إليه فقط، وإنما منتجون وسلسلة من الوسطاء ومنظومة للإمداد.
هذه الفعاليات لا تتم عن طريق الحاسوب، وربما ليست مكشوفة للجمهور الواسع، إلا أنها معروفة لموظفي وزارة الأمن وضباط الجيش وكل من يعرف وعلى صلة بما يسمى "الصناعة الأمنية"، بل وبتشجيع من وزارة الأمن وتحت غطائها.
ومن المفترض أن تراقب وزارة الأمن على التصدير الأمني، إلا أنه على أرض الواقع فإن "القط يحرس اللبن"، ويأتي ذلك لعدة أسباب، بعضها فقط مشروع. ففي العقود الأولى لقيام الدولة، كانت الحاجة حقيقية لقيام صناعة أمنية متقدمة تمنح الجيش تفوقاً نوعياً ويزوده بالسلاح، خاصة في حالة فرض الحظر الدولي. إلا أن هذه الصناعات تعاظمت وأصبحت تعيل عشرات آلاف العائلات. وفي السنوات الأخيرة وصل التصدير الأمني الذي يشمل المنتجين والمصدرين الحكوميين والقطاع الخاص والعام، إلى 2 مليارد دولار سنوياً، مما وضع إسرائيل في المرتبة السادسة للدول المصدرة للسلاح في العالم.]