عن جابر رضي الله عنه أن رجلاً قال : يا رسول الله إن لي مالاً وولداً ، وإن أبي يريد يجتاح مالي ؛ فقال ( أنت ومالك لأبيك )(1).
ظاهر الحديث أن للأب الأخذ من مال ولده كما يشاء ، لكن بالنظر إلى الأحكام والمسائل الشرعية يُعلم أن هذا الظاهر ليس هو المقصود ؛ فمثلاً ليس للأب من إرث ابنه إلا السدس إن كان له ولد ، ولو كان الحديث على ظاهره لكان له الإرث كله ، وكذلك تقديم الولد على الوالدين في النفقة وغير ذلك ، وهذا كله يدل على أن المراد من حديث جابر أن الأب إذا احتاج إلى مال أبيه فله الأخذ منه بقدر الحاجة كما يأخذ من مال نفسه ، وإذا كان الولد قادر على الاكتساب لزمه أن يكتسب وينفق على أبيه ، وفي الحديث أراد السائل أن يرخص له النبي صلى الله عليه وسلم في ترك النفقة على أبيه أو التقصير فيها لأن حاجة أبيه والنفقة عليه تقضي على ماله كله ، فلم يعذره النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرخص له وقال له ( أنت ومالك لأبيك ) ليرفق به ويبره وينفق عليه عن طيبة نفس منه والله تعالى أعلم(2).
(1) أخرجه ابن ماجه باب ما للرجل من مال ولده ح 2291-2/769، وأخرجه أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بنحوه ح 6902-2/204 قال الأرناؤوط: حسن لغيره ، وابن حبان ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم أن مال الابن يكون للأب ح 4262-10/74 ، والبيهقي في السنن الكبرى باب نفقة الأبوين ح5527- 7/480 .
(2) انظر معالم السنن للخطابي 3/801 ، وصحيح ابن حبان 10/74، وانظر كلام الشيخ مصطفى بن العدوي في فقه التعامل مع الوالدين ص122-132 .