النحل والعسل
قال الله تعالى:
((يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ)) :النحل: 69
وهذا الشراب الرباني جعل الحق تعالى فيه شفاء من كل داء واقترن بالقرآن في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ((عليكم بالشفاءين العسل والقرآن)) .
وهو
يدفع الفضلات المجتمعة في المعدة ويجلو الأمعاء من تراكمات أثر الأغذية
الفاسدة ، وهو سهل الهضم ملين للطبيعة مفيد لمرضى القلب لعدم غيابه
بالمعدة ؛ وأثناء عملية هضمه لا تضغط المعدة على القلب فترهقه والسبب في
ذلك أنه أحادي ؛ أي هضم في بطن النحلة .
عكس عسل قصب السكر فإنه ثنائي الهضم .
ويفيد العسل الأطفال والشيوخ لما له من أنزيمات وكمنشط للدورة الدموية ومولد للطاقة ومنشط للكبد .
وعن العسل قالت السيدة عائشة : (كان أحب الشراب لرسول الله صلى الله عليه وسلم) .
ويحتوي
عسل النحل على : دكستروز وأملاح ومواد نباتية وأنزيمات وحبوب لقاح وماء
وهو سريع التمثيل في الجسم ؛ لأن سكرياته أحادية وهي فركتوز وجلوكوز 80 %
يمتصها الجسم مباشرة دون أدنى تعب وبه أملاح وفيتامينات وكثير من المواد
الأخرى غير المعروفة وتبلغ نحو 5 % من المعادن .
والعسل
قاتل للميكروبات نظراً لاحتوائه على أكثر من 80 % من السكر ، والأبيض منه
يحتوي على الماء والأكسجين القاتل للجراثيم الغني بالبوتاسيوم الذي يسحب
من الجراثيم رطوبتها اللازمة لضرورة حياتها فتموت من الجفاف .
وللعسل تأثير فعال في نمو الأطفال المولودين قبل موعد الحمل العادي عندما يضاف إلى لبن الأم وهو يقوي الأسنان ونمو العظام في الصغر .
ومن عظيم صنع الخالق سبحانه أن العسل لا يتلف الأسنان كباقي السكريات ؛ بل يعالج اللثة وقت التسنين .
وقد اكتشف الفرنسي ((آلن كاياس)) كميات من الراديوم في عسل النحل وهذا العسل المشع يداوي كثيراُ من الأورام الخبيثة .
ويقلل عسل النحل من النزلات البردية ويشفي كثيراً من أمراض العيون كالتهاب القرنية ، وهو مضاد للتعفن يجعل الجلد قوياً متيناً أملس .
وقد
أوصى الرئيس ابن سينا باستعماله لبخة لعلاج الجروح السطحية بعد خلطه
بالدقيق ، كما استعمل مزيج العسل مع زيت كبد الحوت في علاج الجروح
المتقيحة .
ويقول بعض علماء السويد : إن أكثر من 60 % من حالات الصداع النصفي تم شفاؤها بالعسل .
ويضاف عسل النحل إلى كوب من اللبن الدافئ قبل النوم فينام من يعانون من الأرق والهواجس .
ويضاف إلى عصير الليمون للوقاية من نزلات البرد .
كما
يستعمل كعلاج للحكة وحرقان الحلق ، ويضاف إلى عصير البرتقال وخميرة البيرة
فيكون مزيجاً مغذياً منشطاً فاتحاً للشهية ومقوياً عاماً .
ويستعمل
علاجاً لمدمني الخمر لما فيه من سكر الفركتوز الذي يساعد على أكسدة الكحول
بالكبد ، كما يستعمل مع عصير الليمون لإفاقة مدمني الخمر .
ويستعمل في علاج مرضى الكبد لأنه يساعد على إزالة السموم ويقي تفاعل بعض المواد بالكبد .
ويستخدم عسل النحل المركز في علاج الحروق وقيل : إن وضع عسل النحل على الحرق يجعله يلتئم سريعاً ولا يترك أثراً .
وقد
استخدمه بعض الأطباء البريطانيين في التجميل ؛ فقد نشر عنه في لندن سنة
1835م أنه ينعّم البشرة ويحميها ويعالجها من التشققات والقشب ، وأثبت أن
له تأثيراً عظيماً على الشفاه وجلد اليدين .
وللعسل
أنواع كثيرة تختلف باختلاف المنطقة التي يجمع منها الرحيق ، واختلاف الفصل
الذي يتم فيه الجمع وأجود أنواع العسل ما يجمع في فصل الربيع جمعاً
طبيعياً ؛ أعني لم تتدخل فيه يد الإنسان كتغذية النحل على السكر أو عمل
خلايا صناعية فهذا يكون تدخل فيه الإنسان ؛ لأن الحق تعالى بين للنحلة
أفضل مكان لسكنها وأفضل أنواع غذائها :
((وَأَوْحَى
رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ
الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ{68} ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ
فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ
مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ)) :النحل: 68ـ 69
فإقامتها
بالجبال تأتي بالدرجة الأولى ، وكذا عسلها وبالشجر مرتبة ثانية ، أما
إقامتها بما يعرشه الإنسان يأتي بالدرجة الثالثة كذا عسلها .
ومن الآتي نتبيّن القيمة الغذائية لكل 100 جرام عسل :
(( ماء(20جرام) ، فيتامين ب1(أثر) ، بوتاسيوم(10ملجم) ، بروتين(3% جرام) ، كالسيوم(5ملجم) ، فوسفور(16% ملجم) ، حمض نيكوتنيك(12% ملجم) ، فيتامين ب2(4جرام) ، فيتامين ج(4ملجم) ، نحاس(2% ملجم) ، حمض بانتوثينك(2% ملجم) ، حديد(9% ملجم) ، كربوهيدرات(79.5جرام) ، حمض ستريك(50ملجم) ))
وتعطي كل 100 جرام من عسل النحل 294 كيلو سعراً حرارياً .
العسل ووقاية الأطفال
يتكون
العسل من مادة طبيعية لم يطرأ عليها أي تغيير صناعي إذ يحتوي على أسهل
أنواع السكر قابلية للهضم وملاءمة للجسم وهو سكر العنب ((الجلوكوز)) وسكر
الفواكه ((الفركتوز)) .
ومن
الغريب أنه لا يستعمل على نطاق واسع وخاصة في تغذية الأطفال الرضع ومن
الثابت بالبحث أن أفضل نسبة لاستعمال العسل في تغذية الأطفال هي معلقتان
صغيرتان لكل ((200 ـ 250سم)) من الحليب وتزداد هذه الكمية نصف معلقة صغيرة
في حالات الإمساك وتنقص نصف معلقة في حالات الإسهال فضلاً عن أن الرضع
الذين يغذون بالعسل لا يصابون بالمغص المعدي إلا نادراً ؛ لأن السرعة التي
يمتص بها العسل لا تترك مجالاً لحدوث التخمر في الأمعاء .
وإليك بعض الحالات المرضية التي يتعرض لها الأطفال ومدى نجاح العسل في علاجها .
يروي
((د. ن بويريش)) أن مجموعة من الأطفال عددها 20 طفلاً تتراوح أعمارهم ما
بين (3 ـ 6سنوات) كانوا يتناولون العسل في غذائهم بصورة منتظمة لمدة ستة
أسابيع في روضة للأطفال تحت إشراف دكتورة ((زوركسوفا)) .
وفي
هذه الفترة أصيب بعض الأطفال بالحصبة والتهاب الغدد النكفية ، وقد لوحظ أن
الأطفال الذين أصيبوا ؛ اتخذ معهم المرض دورة هينة لينة دون مضاعفات بسبب
تناولهم العسل ، وبعد مضي ستة أسابيع من تناول الأطفال العسل تحسنت صحتهم
إلى حد كبير وأصبحوا مرحين ممتلئين بالحيوية وتحسن سلوكهم ونومهم وزاد
وزنهم جميعاً وكانت نسبة الزيادة في الأسبوعين الأولين من العلاج بالعسل
هي نصف كيلو جرام ولم يكن هناك أي حالة دسنتارياً أو غيرها من أمراض
القناة الهضمية .
وأثبت الدكتور ((جولب)) بعد التجارب أن العسل يهيء حالة نفسية حسنة للطفل تتسم بالمرح والاتزان والهدوء .
بالإضافة
إلى أن أثبت العلم الحديث أن النحل نفسه شفاء للناس من جميع الأمراض حيث
ثبت أن في لدغة النحل شفاء من الأمراض حيث بالتجربة الحية كان شاب مصري
حدث له حادث سيارة فحدث له شلل نصفي في الجزء الأيسر حيث عجز الأطباء في
شفائه فعرض عليه بعض الأطباء علاجه بلدغ النحل فبعد ((15)) يوماً استطاع
هذا الشاب المشي وتم شفائه.
كما
ثبت بالتجربة علاج بعض الحالات من ضعف السمع والروماتزم وسرطان الدم وكثير
من الأمراض فثبت أخيراً أن في النحل شفاء كما في شراب عسله تصديقاً لقوله
تعالى :
((وَأَوْحَى
رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ
الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ{68} ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ
فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ
مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً
لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{69})) :سورة النحل
المصدر
كتاب الإعجاز العلمي في أسرار القرآن الكريم والسنة النبوية ـ ((الجزء الأول ص 75 ـ 80))
للمؤلف محمد حسني يوسف