من أهم القرارات المصيرية في الحياة هي الاختيار المناسب لشريك الحياة. وعلى هذا القرار يتحدد مستقبل الحياة سعيدة كانت أم تعيسة، بل وعليها يتحدد مصير الأبناء، والأحفاد الذين تتأثر قيمهم وعاداتهم وطباعهم، بما يعيشونه في الأسرة التى نشئوا فيها.
والأمر الغريب أن يهتم الخطيبان بأمور كثيرة تستغرق منهما شهوراً، وربما سنوات في الإعداد ليوم الزفاف، والترتيب لبيت الزوجية، ولا يفكرا في أن هذه الترتيبات لا تنجح زواجاً وأنها جميعاً أمور كمالية، بل وسنجد بعضها تمثل أموراً محطمة للحياة الزوجية من بدايتها وخاصة بعض حفلات ما بعد الزواج، والاجهاد الناتج عن ترتيب يوم الزفاف، والخلافات الكثيرة الناشئة عنه، ومع الاهتمامات العالمية الكثيرة التى يستغرقها الحطبيان في الإعداد لحياة الزواج، فما يشغلهما في ترتيب يوم الزواج يفوق بما لا يقاس ما يشغلهما في الإعداد لحياة الزواج وفى هذا عجباً وما يشغلهما في ترتيب المسكن، يفوق بما يقاس عن ترتيب وإعداد النفس من الداخل، التى للعروسين اللذين سيسكنان في هذا المسكن.
عجباً..أن نهتم بالمسكن دون الساكن فيه، والمسكن لن يعطى استقراراً نفسياً وروحياً للساكنين فيه، في حين أن أعداد الساكنين فيه يحول ذلك المسكن إلى فردوس يتنعمان فيه.
وينتج عن ذلك كله في هذا الزمان زيادة عدد المشاكل الزوجية وحدتها، وفى السنوات الأولى للزواج بصفة خاصة، حيث لم يكتسب الزوجان خبرة المختبرين والمرشدين في فترة إعداد كافية سابقة للزواج.
ونتعجب ..أن نسمع عن طلاق بدأ مع السنة الأولى، والثانية من الزواج، تلك الفترة التى ينبغي أن تكون مليئة بالعواطف والرومانسية " أنها فترة اصطدام بالواقع الذى لم يستعدا له قبل الزواج".
أن الزواج بالرغم من صعوبة اختيار وإعداد المسكن، والاهتمام بيوم الزفاف، وأيام ما بعد الزواج، لهو أمر يسير جداً، والقرار فيه اتخاذه، ولكن الأمر الأصعب كيف تحافظ على هذا المولود الجديد (الأسرة الجديدة ) جيداً وبصحة روحية ونفسية واجتماعية جيدة، كل هذا لن يحدث إلا بالإعداد الكافي السابق للزواج.
علينا أن نبدأ فوراً بالاهتمام بالحياة الزوجية أكثر من اهتمامنا بيوم الزواج وبيت الزوجية ومن العجيب ..... أن نسمع اليوم عن دعوى لتسهيل الطلاق وتكرر الزواج في المسيحية.
دعوة تتبناها صحافة رخيصة، موجهة من أجهزة لا بهمها إلا أضعاف المسيحية، بلا من تبنى فكرة الإعداد الجيد للزواج، وإعداد البرامج واللوائح والقوانين، التى تحكم ذلك بما يزيد المجتمع تماسكاً، من خلال تماسك الأسرة وليس تفككها.
علينا ككنيسة أن نتجنب مبكراً حبس الناس في سجن زواج غير ناجح، وفى نفس الوقت أن نجنب الآخرين التحريض على توسيع دائرة الطلاق في المسيحية، في مخالفة لنصوص الكتاب المقدس، وقوانين الكنيسة المعلوم بها منذ القرن الأول المسيحي، والحل يكمن في برامج أعداد للمخطوبين، والتى قد تؤهلهم لزواج ناجح، أو فسخ تلك الخطوبة.
أمثلة عجيبة..................
(1)استخرج رخصة صعبة من الحصول على رخصة الزواج استخراج رخصة القيادة يتطلب:
• الكثير من المستندات.
• فحص طبي على الأقل فيما يخص سلامة الرؤية.
• على الأقل إجادة القراءة والكتابة .
•
اختبارات القيادة قد تتكرر عدة مرات لعدم اجتيازها. • اختبار في الإشارات والمعلومات المرورية قد يجتازها الكثيرون .
• رسم مالي.
• التردد على العديد من المكاتب والموظفين.
وماذا عن الزواج الأمر أسهل بكثير ولا يحتاج لأي امتحانات ولا اختبارات، في حين:
•
إن خطأ السائق هو خطأ تتركز نتائجه على الجسد والماديات. • أما أخطاء الزواج فهي تتعلق بأجيال وتتعلق بخلاص نفوس.
(2) الحصول على شهادة جامعية:
يحتاج إلى الكثير من سنوات الدراسة، والعديد من الامتحانات والكثير من المصاريف، وقد لا تفيد صاحبها كثيراً، وقد يعمل في مجال آخر، أما الإقدام على أمر يتعلق بمستقبله ومستقبل أسرته وأبديتهم فلا يأخذ اهتماماً، ولا دراسة، ولا إعداد.
ألم يحن الوقت بالإعداد الذى يسبق الزواج لأجل كل هذه الأمور، الحلاق والجزار والخباز في الخارج يحتاج لأن يدرس، ويدخل اختبارات، وامتحانات متعددة، حتى يأخذ رخصة للعمل في ذلك المجال، أو غيره، في حين أن المقبل على الزواج في بلادنا لا يجد فرصة حقيقة للإعداد السابق للزواج.
أكرر ألم يحن الوقت للاهتمام بالإعداد السابق للزواج ؟