أخي في الله ..
كل منا معرض للخطا ، وللزلل وليس فينا من معصوم ، ولا نبي مرسل !! فنركب الاخطاء وتركبنا ، ونصارع الشهوات فاما ان نصرعها ، واما ان تصرعنا .. ونجاهد الرغبات فاما ان ننتصر عليها واما ان تكون هي المنتصرة علينا .. وهكذا دواليك .. وفي هذا أخي يميز الخبيث من الطيب ، والمؤمن من الفاجر ، والتقي من الشقي !! .. نعم فجميعنا قد ركب الله ( عز وجل ) فينا الشهوات ..ورغزت في انفسنا الرغبات ..الم تقرا قوله تعالى : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ) ..لكن لسنا جميعا سواء !! ..منا من أصبح عبدا لشهواته ، أينما توجهه توجه ، ويريد الحصول على كل ما يرغب فيه ويشتهيه ولو كان ( والعياذ بالله ) حراما ومنكرا ، ولا يجوز .!!
فصار همه ، وقوته من الدنيا تلبية رغباته وشهواته بغض النظر عن الطريقة ، وعن الأضرار ، والأخطار ، ولا يهتم ان كان ما يفعله حرام لا يجوز غليظ الحرمة يعزر عليه ويعاقب او كان حلالا زلالا!! لا باس عليه لو عمله.
عبد هواه ، والتذ بدنياه ، وغيب الفضائل عنده ، و شاقق الله .
ومنا من ملك زمامه ، وجعل كتاب الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) في هذه الدنيا إمامه ، فان اشتهى حراما استعاذ بالله ، واناب اليه ، وبكى ، وانتفض ، وارتعد وطلب من ربه العون والستر ، وان يقيه السيئات وكأنه عندما تراه وهو على هذه الحال قد ارتكب أبشع الجرائم .. وان اشتهى حلالا لم يكثر منه ، وكيف يكثر منه وهو يعلم ان الدنيا دار اختبار واعتبار ، وان نعيمها زائل ، وخيرها نافد .. فهو الزهد اذا والرضى بالقليل ( كما قال علي – رضي الله عنه وارضاه -) ..ارءيت يا اخي اختلفت الأعمال ، والأخلاق ، والصفات رغم ان الشهوات واحدة ، والرغبات واحدة ، والصنف واحد : بشر ..
اخي الحبيب .. بعد هذا العرض الذي قدمته لك ..اسأل ولا انتظر الإجابة منك بل اجب على نفسك :هل انت عبد لشهواتك ورغباتك وهواك ..؟؟
أي كما قال تعالى : ( افرايت من اتخذ الهه هواه ..) .. ام انك مسيطر على شهواتك ، ورغباتك ، وهواك ..؟؟
سؤال قد يكون جوابه عليك سهل ..لانك الاعلم بنفسك .. ولكن وقعه عليك صعب وثقيل بشرط ان كنت من الصنف الأول : ( عبيد الشهوات ) .. عافاك الله وهداك .
ان كنت من الصنف الثاني فما لي معك من كلام سوى ان أقول : اثبت ، واصبر ، وأكثر من الدعاء ، والأعمال الصالحة .. وكلما زللت ( على حين غفلة من الإيمان ) ..سارع بالتوبة إلى الله ، واللجؤ إليه ..وإياك والاستسلام تحت ضغط هوى ، او إغراء شهوة .( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان:70) واما ان كنت من الصنف الأول فاسمع ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) (مريم:59)
قال (صلى الله عليه وسلم ) : ( من اطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد ابى ) ..
..أخي ؛؛ أنت مخلوق من لحم وعظم ..!! إن تعرضت للنار لثواني اسود جسمك ، وذاب لحمك وتشوه .فما بالك باللبث في نار السموم ؟؟ وأنت ضعيف قاصر لا تستطيع العيش ب(سلام) مع الدنيا الا بعون الله وتوفيقه .
فكيف تحصل على العون والتوفيق منه وأنت مقصر ، ومعرض ؟؟
فخسران في الدنيا ، وخسران في الآخرة فيك يجتمعان ؟؟ ...
أخي .. لقد اودع الله فيك عقلا مفكرا ، أفلا تنظر إلى ما انعم الله عليك به من نعم ؟؟..
اوما تنظر إلى السماء كيف رفعها بلاعمد ؟ والأرض مدها ، وجعل الجبال فيها كالوتد ؟
قال تعالى : ( والسماء رفعها ووضع الميزان الا تطغوا في الميزان )
قال تعالى : ( الم نجعل الأرض مهادا .والجبال اوتادا ) ...والكثير مما لا يعد ولا يحصى الدال على قدرة الله وعظيم نعمه ..فكيف لا تحكم عقلك فتتبع الصراط المستقيم ؛الصراط الذي يريدك الله ان تكون عليه ،وتمضي فيه ؟اخي قال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) .. فانظر كيف غيبت الإيمان حيث لم تجعل هواك تبعا لما جاء به ( صلى الله عليه وسلم ) .. وبتغييبك للإيمان فقدت التأثر بالقران ، والتأثر بالمواعظ والخطب والنصائح ..فلا يتذكر الا من ءامن ولا ينتفع الا من رد الإيمان الى قلبه (أي استشعره )( وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين ) ..
انظر الى مقدار الخسائر ..والمقابل ماذا ؟؟ شهوات لحظية فانية !!
أخي الحبيب : عد إلى رب براك ..وافتح صفحة جديدة نقية خالية من الشوائب بينك وبين الله ..صفحة تسطر فيها كل فضيلة ، وكل (صالحة ) ، وكل خير ...على غرار صفحتك الماضية التي سطرت فيها كل ما يسود الوجه من اعمال ( عافاك الله ) ... واملاها بكل ما تستطيع من خير ، واعمال صالحة .فاذا ما وضعت هذه في كفة وتلك في كفة ..رجحت كفة صفحتك الجديدة على كفة صفحتك القديمة ، وفاقت أعمالك الصالحة أعمالك السيئة ، ،،وقد يقول احدهم : لقد مر علي الزمن الطويل على العصيان .. ولربما لم يبقى لي الا القليل !! فان تبت وانبت ‘ وعملت الجهد في الصالحات ..فالوقت قد لا يكفي لعمل مثل ما عملت من قبل !!- ارد : ان الله سبحانه وتعالى يكتب السيئة واحدة ( وهذا من رحمته وشفقته بالعباد ) والحسنة بعشرة امثالها ،ويضاعف لمن يشاء ..بل ويبدل سبحانه السيئات الى حسنات ان صدق العبد في توبته ، وءامن ، واتقى ..فاي فضل اعظم من هذا ؟؟ واي نعمة اعظم من هذه ؟؟!! الا انه لم يبق لك عذر او حجة ، وباب التوبة مفتوح الى يوم الدين ، والشيطان لا سلطة له الا على الغاوين ، فارجع الى الصراط المستقيم ، والدرب القويم ، والعمل السليم ..ولن تلبث قليلا حتى ستكون فرحا مسرورا ،ومرتاحا وسعيدا ..وكيف لا !! وانت تزيد القرب من رب العالمين ..واذا ما ثارت الشهوة ، واقتربت من الكبوة تذكر وانت في الخلوة ربا يراك ، وخلقك فسواك ، واطعمك وسقاك ،تعيش تحت ظل سماءه ، وتاكل من نعمه ، ولا تحصي افضاله . . وتذكر في تلكم اللحظات ما لا عين رات ، ولا اذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ..( على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين .يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكاس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون . وفاكهة مما يتخيرون . ولحم طير مما يشتهون . وحور عين كامثال اللؤلؤ المكنون جزاءً بما كانوا يعملون ) ..وكيف لمن يتذكر هذا او يفكر فيه ان يبيعه من اجل دنيا ، او من اجل شهوة جامحة ..
يا سلعة الرحمن لست رخيصة بل انت غالية على الكسلان ِ
يا سلعة الرحمن ليس ينالها بالالف الا واحد لا اثنان ِ
يا سلعة الرحمن كيف تصبر الخطاب عنكي وهم ذوو ايمان ِ
... فالخلاص الخلاص من قيد الهوى ، وغل الشهوة ، و اسر الرغبات ، والنزوات ...والطريق ممهد الا من بعض العقبات اللازمة ليعرف ان الجنة غالية ، وعظيمة ..
قال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات )
..فالبدار البدار الى جنة الابرار .. وملتقى المتقين الاخيار ..والطريق معلوم ، والكل ذو عقل وقلب .. والله يحب المتقين .والله اعلم ..
منقووووول