السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الزواج مسئوليةٌ
إنها مسئوليةٌ مشتركةٌ ، لكٍلّ من الزوجين نصيبٌ منها..
عن ابن عمرو ، رضي الله عنهما ، عن النبيِ صلى الله عليه وآله وسلم قال (( كُلُّكُم راعٍ ، وكُلُّكُم مَسْئولٌ عن رَعِيَّته . والأميرُ راعٍ ، والركلُ راعٍ على أهلِ بيْته ، والمرأةُ راعيةٌ على بيْتِ زَوْجِها وولده ، فكُلُّكم راعٍ وكُلُّكم مسئولٌ عن رَعيَّته )) رواه الشيخان .
وفي الحديث أيضًا (( إنَّ الله تعالى سائلُ كُلِّ راع عَمَّا استرْعاه ، أَحفِظََ ذلك أم ضيَعَه ؟ حتى يسألَ الرجُلَ عن أهل بيته )) وفى المقابل تُسألُ أيضًا المرأة عن زوجها وبيتها ...
إنها مسئولية مشتركة : تقوم على الحب و التعاون بين الزوجين .
لا تعترفُ بالجمود و التخصص فلا يَقُل أحدُهما للآخر : على هذا ، وعليك ذلك ....
عن عائشة ، رضى الله عنها ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكون في مهنة أهله ، فإذا حضرت الصلاةُ خرج إلى الصلاة . رواه البخاري و الترمذي .
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أُسوة حسنةٌ ، فقد كان يخصف نعْلَه ، ويحلبُ شاتَه ، ويخدم نفسه ..
وليعذر كلٌ من الزوجين صاحبه فيما عجز عن تحقيقه ، وليصبر عليه ... فما لم يتحقق اليوم يتحقق غدًا ....
احترام متبادل
العروسان ، شخصان مستقلان ، لكل منهما طباعه ومزاجه .... قد يلتقيان في بعضها ويختلفان في البعض الآخر ..
يقول الله سبحانه وتعالى { فِطَرَتَ الله الّتى ِ فَطَرَ الناسَ عَلَيهَا } .
و لدوام المودةِ واستمرارِ الأُلفةِ كان لزامًا على كلًّ من الزوجين أن يعرف ما يألفُ صاحبه فيأتيه وما ينفرمنه فيجتنبه ...
ولنتعلم الدرس التالى من هذين العروسين ..
إنهما شريح القاضى وعروسه (( زينب )) .
يقول شريح : تزوجتُ امرأة من بنى تميم ، فأقسمت على أهلها بعد تمامِ العقدِ أن لا تبيتَ إلا عندي ..
فقالوا : اللهم غفرًا !! نريد أن نجلوها ( نزيينها ) و نهيئها لك ! فقلت : حسبى ما رأيت ، وقد كنتُ رأيتُها قبل نكاحها ..
فهّيئوها ، ثم زفوها إلى من ليلتهم ، فأقبلت إلى مع النساء ، فلما وقفتُ بباب الحجرةِ واستخفى تلك النساءُ منها ، دخلت البيتَ ، فقمت إليها ، فقلت لها : إن من السنَةِ إذا دخلتِ المرأة على زوجِها أن يقومَ الزوجُ فيصلى ، وتصلى خلفه ، ويسألان الله تعالى خير ليلتهما و يتعوذان الله من شرِّها !
ثم تقدمت إلى الصلاةِ ، فإذا هي خلفي فصليتُ ، ثم انقلبتُ فإذا هي على فراشها ، فأخذتُ بنا صيَتِها فدعَوْتُ ورَّكْتُ ، ثم مددتُ يدي ، فقالت : على رِسْلِك ! ثم قالت : الحمد لله ، أحمده وأستعينُه ، وأومِنُ به ، وأتوكلُ عليه ، وصلى الله على سيدنا محمدٍ ، وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد : فإنىِ امرأةٌ غريبةٌ ، وأنت رجلٌ لا أعرفُ أخلاقَك ، فأخْبِرْني بما تحبُ فآتيه ، وبما تكرهُ فأجْتَنِبه !
وقالت : إنه كان لك في قومك من تتزوجُه من نسائكم ، وفي قومي من الرجال مَنْ هو كفء لى ، ولكن إذا قضى الله أمرًا كان مفعولاً ، وقد ملكتَ فاصْنعْ ما أمرك به الله ، إمساكُُ بمعروفٍ ، أو تسريحٌ بإحسانٍ .
أقول قولي هذا ، وأستغفر الله العظيم لى ولك !
قال : فوجدتُ نفسي أخطبُ في هذا المقام ، فقلت : الحمد لله ، وصلى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد : فإنكِ قدمْتِ خَيرَ مقْدَمٍ على أَهلِ دارٍ ، زوجُك خَيرَ رجالهم ، وأنت – إن شَاء الله – خيرُ نِسائهم !
إنك قُلتِ كلامًا إن ثبتِّ عليه يكن ذلك حظك ، وإن تدعيه يكن حجةً عليك ... وقال أحب كذا وكذا ، وأكرهُ كذا كذا .
وما رأيت من حَسنةٍ فانْشُريها ، وما رأيتِ من سيئة فاستُريها .
يقول شريح : فأقامت معي عشرين سنة ، ما غضبتُ عليها يومًا قط .. وماتت ، فوالله لقد بغضت إلى الحياةَ ، وأفسدت على النساءَ .. فوددت أنى تبعتُها !!
كان شريح قاضيًا ، وكان يعجبُ أشدَ العجبِ من زَوْجٍ يضربُ زوجتهَ ، ويقول :
رأيتُ رجالاً يضربون نساءهم = فشلت يمينى حين أضربُ زَيْنبا
فزينْبُ شَمْسٌ والنساءٌُ كواكبُ = إذا طلعتْ لم يَبْدُ منهنَّ كوْكبا