حكمة الرجل الثرثار-الغد المشرق

-
يروي انه في قديم الزمان كان هناك رجل طويل اللسان اطلق لسانه اللاذع بحق السلطان فسمعه جهاز المخابرات واقتاده الي السلطان ولما سمع السلطان ما قاله الرجل بحقه احمرت عيناه وانتفخت أوداجه وأمر بقطع رأس الرجل الثرثار فورا. ولكن الرجل الثرثار طويل اللسان كان واسع الحيلة وعندما احس ان نهايته تقترب قال للسلطان والحزن يغطي محياه.
.. والله يا جناب السلطان المبجل انه ليس لدي سبب للاسف علي هذه الحياة الفانية فقد شبعت منها منذ زمن بعيد. وجنابكم تحسنون صنعا بتخليصي منها ولكنني آسف علي امر واحد فقط ويعز علي ان افارق الحياة من دون ان اتمه.
هنا استيقظ الفضول في نفس السلطان وسأل الرجل وما هو هذا الشيء بالله عليك.
فسر الرجل وفهم انه استطاع ان يحول اهتمام السلطان الي وجهة اخري.. وقال للسلطان:
الامر يا سيدي هو انني اجلكم الله امتلك حمارا ولكن هذا الحمار يمتاز بذكاء غير عادي لدرجة انني بدأت بتعليمه الكلام مثلنا نحن البشر.
وهنا لم يستطع السلطات صبرا فقاطع الرجل وهو يزيد: حمار يتكلم! اتسخر مني يا رجل الويل لك. ومنذ متي تتكلم الحمير؟
اجاب الرجل طويل اللسان بهدوء:
عفوك يا مولاي.. الحمير لا تتكلم كما يقول جنابكم ولكن حماري من نوع مختلف واقول لكم الحق بانه بدأ كأنه سيتكلم بين لحظة واخري.
هكذا اذن..
كل ما اطلبه منكم ان تعطوني مهلة لاستكمال تعليم الحمار.. واذا لم يتكلم بعد انقضاء المهلة فيمكنك قطع رأسي هذا.
وكم هي المهلة يا رجل؟ سأل السلطانُ غاضبا متشككا.
ستة اشهر يا مولاي هو الحد الادني ــ اذ لا يخفي علي جنابكم انني بصدد تعليم حمار وليس بني آدم..
فكر السلطان لحظة ثم قال للرجل:
ــ ستة اشهر فقط وعندها سأقطع رأسك اذا لم يتكلم الحمار، مفكرا طول الوقت بسرور بانه ستكون تسلية عظيمة اذا حصل علي حمار متكلم.
بعدها خرج الرجل من حضرة السلطان وهو لا يصدق ان رأسه قد نجا ولو لبعض الوقت غير ان اصدقاءه بعد ان عرفوا بما جري اخذوا يلومونه علي قصته وسألوه:
ــ ولكن هل سيتكلم الحمار؟
ضحك الرجل من اعماقه واجابهم:
ــ يا لكم من حمقي وهل يتكلم الحمار ولو بعد مائة سنة من التعليم انها مجرد حيلة انقذت بها رأسي مدة ستة اشهر.. وهذا ليس بالامر القليل واضاف الرجل:
ــ خلال هذه الاشهر الستة ستجدّ امور لا يعرفها الا الله. فقد يموت السلطان او الحمار وقد اموت انا.. المهم انني لا ازال احتفظ برأسي