القاضي رئيس محكمة نور الاسلام
عدد المساهمات : 3310 رصيد نقاط : 22910 رصيد حسابك فى بنك نور : 309 تاريخ التسجيل : 06/10/2009
| موضوع: الرجل العصامي 2 -الغد المشرق الثلاثاء مايو 04, 2010 3:39 am | |
| الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، إله الأولين والآخرين، قيوم السموات والأرضين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين. وأشهد أنّ محمَّداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أمَّا بعدُ:
أيها المسلمون: إن الدّراسات العلمية تقول: إن الفضل في إيجاد الشخصية العصامية - بعد الله تعالى - يرجع إلى الأسرة، فقد كانت مدرسة كاملة؛ تربي أبناء المسلمين، وتنشئهم على العقيدة الإسلامية، وعلى الخصائص الإسلامية. وإنّ كثيراً من كبار المجددين، والمصلحين في الإسلام إنما هم غرس الآباء والأمهات!. فهذا الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - توفي أبوه، فاعتنت أمّه بتربيته، وكانت توقظه قبل صلاة الفجر وهو صغير، فيصليان معاً ما شاء الله!. فإذا أذن الفجر أمسكت بيده وذهبت به إلى المسجد، وانتظرت حتى تُقضى الصلاةُ ثم تعود به إلى البيت!. وحفظ القرآن – رحمه الله - وهو صغير، فلما بلغ اثنتي عشرة سنة قالت: "يا بني انطلق فاطلب العلم!". يقول الإمام أحمد: "كنت ربما أردت البكور في طلب الحديث فتأخذ أمي بثيابي حتى يؤذن الناس أو حتى يصبحوا". بمثل هذه التربية وتوفيق الله تعالى خرج أولئك العظماء، وغيروا مجرى التاريخ!. فرحم الله بطناً أنجب مثل الإمام أحمد بن حنبل. إننا أمام الواقع المكرر، والواقع الأليم، لا نستطيع أن نواجهه إلا إذا كانت الأسرة المسلمة قائمة بروحها، ورسالتها، وبخصائصها.! إنّ الطفل والشاب المسلم إنما ينشئان في هذه المدرسة، ويتخرجان منها، قبل أن يتخرجا في مدرسة أو جامعة نظامية. إذاً يجب أن تبقى هذه المدرسة الداخلية - مدرسة الوالدين - على صفتها الأولى، وأن تحافظ على قوّتها، وعلى روحها إذا أردنا أن نخرج أناساً عصاميين. ولا يعني ذلك - أخي الشاب الفاضل - إذا ابتلاك الله تعالى بأسرة غير محافظة أن تركن إلى الدنيا وشهواتها، والحياة ولذاتها!. فأنت خصيم نفسك، ومحاسب على أعمالك. ولقد عاش أقوام من العصاميين في أسر غير محافظة، ومع ذلك أصبحوا شيئا مذكوراً! فهذا سلمان الفارسي رضي الله عنه كان يعيش في أسرة بالغة الثراء ..والتي وفرت له كافة وسائل الراحة والسعادة ..مع ارتفاع أسهمه في قلب والده ..ولكنهم كانوا يريدونه أن يبقى على دينهم المجوسي ..فهل رضخ لذلك ؟!! وهل استسلم لما يريدون ؟!! كلا ..بل جاهد حتى فر من أسرته ليبحث عن الدين الحق ..وصبر سلمان على التغرب والأذى ..بل وعلى العبودية ردحاً من الزمان ..كل ذلك من أجل أن يصل إلى الدين الحق ..فكانت له العاقبة الحميدة ..والمنزلة المجيدة ..التي سطرها التاريخ في الدنيا ..وما أعد الله له في الجنة خير وأعظم أجرا ..يقول الله جل الله : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69 قال صاحب الظلال: " الذين جاهدوا في الله ليصلوا إليه، ويتصلوا به. الذين احتملوا في الطريق إليه ما احتملوا، فلم ينكصوا ولم ييأسوا. الذين صبروا على فتنة النفس، وعلى فتنة الناس. الذين حملوا أعباءهم، وساروا في ذلك الطريق الطويل الشاق الغريب .. أولئك لن يتركهم الله وحدهم، ولن يضيع إيمانهم ولن ينسى جهادهم. إنه سينظر إليهم من عليائه فيرضاهم، وسينظر إلى جهادهم إليه فيهديهم. وسينظر إلى محاولتهم الوصول فيأخذ بأيديهم، وسينظر إلى صبرهم وإحسانهم فيجازيهم خير الجزاء " أ. هـ . اللهم أصلح أحوال المسلمين ..
| |
|