انتقلت إلى مدينة أخرى لأن زوجها يضربها والشرطة تهدد بأخذ الأولاد
السؤال : مضى على زواجي عشر سنوات ، وكانت علاقة غير مستقرة طوال هذه المدة ، لدرجة أني تركت بيت الزوجية مرات ومرات عديدة ، والسبب الرئيس في ذلك هو الاعتداء الجسدي الذي يعتدي عليّ زوجي ، وفي كل مرة أعود إلى البيت بعد أن يقطع عهداً ، ويعدني بأنه سيتغير ولن يكرر ما فعله ، ولكن ما إن أعود حتى يكرر فعله مرة أخرى . وأنا الآن أم لطفلين ، وقد تدخلت الشرطة عدة مرات في قضيتنا إلى أن وصلنا إلى مرحلة حرجة ، وهي أن الشرطة هددت بأخذ الأولاد منّا إذا نحن كررنا هذا الفعل . أنا الآن في بلدة أخرى غير التي هو فيها ، ولم يعد من السهل العودة بعد أن وصلت القضية إلى هذا الحد ، لأننا إذا عدنا وتشاجرنا وعلمت الشرطة بذلك فسيأخذون الأولاد منّا ، وهذا الأمر الذي نخشاه معاً ، لذلك طلب مني أن أعود بشكل سري . وأنا في الحقيقة أخاف على نفسي وعلى الأولاد من الاعتداءات المتكررة التي يعتدي بها علينا ، وفوق هذا كله فإنه يتهمني بأني ارتكب محرماً بتركي للبيت دون إذنه . فهل هذا صحيح ؟ وكيف أقعد في بيت ومع زوج هذه صفاته ؟! وما رأيكم ما هو الحل الأمثل لهذه
المشكلة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا يجوز أن يعتدي الزوج على زوجته أو يضربها ضربا مبرحا ؛ لعموم الأدلة في تحريم الأنفس والدماء والأعراض ، وتحريم السب والشتم والاعتداء وإلحاق الأذى بالمسلم ، ولمنافاة ذلك للوصية بالنساء خيرا .
وإنما أباحت الشريعة ضرب المرأة إذا عصت زوجها ، وخيف نشوزها ، ولم تنفع معها الموعظة ولا الهجر . قال تعالى : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء/34
وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) رواه مسلم (1218).
والضرب غير المبرح : هو الذي لا يؤلم ولا يوجع ولا يترك أثرا ، ولا يكسر عضوا ، ولا يكون بدافع الانتقام والتشفي وتنفيس الغضب ، بل الغرض منه التأديب ، ولهذا قال العلماء : إنه يكون بعود السواك ونحوه . ومع ذلك " فلا يلجأ إلى الضرب إلا في الحالات القصوى " . "فتاوى عشرة النساء" ص 151 من فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
وينظر : سؤال رقم (2076)ورقم(41199).
ثانيا :
لا يجوز للمرأة أن تخرج من البيت أو تسافر بغير إذن زوجها ، فإن فعلت كانت عاصية ناشزا ، إلا إذا وجد ما يبيح خروجها كضرب زوجها لها وخوفها على نفسها ، لكن إن كان يمكن بقاؤها آمنة في البلد حرم سفرها وانتقالها إلى بلد آخر إلا بإذن زوجها .
وإذا كان الزوج لا يملك نفسه عند الغضب ، وتخشون من تدخل الشرطة وأخذ الأولاد ، فينبغي أن تتفقا على أن تقيمي في بيت مستقل في نفس المدينة ، ليتمكن من رؤية أولاده ورعايتهم ، فإن هذا حق له لو كنت مطلقة ، فكيف وأنت لازلت زوجة له .
وإذا أمكن أن تكون إقامتك عند أهلك في نفس المدينة ، أو عند أهله ، إن وجد ذلك ، تقليلا لمخاطر ضربه لك ، واعتدائه عليك ، فهو حسن ، ولو لمدة مؤقتة ، حتى يتم التأكد من استقامة العشرة بينكما .
وإذا استمر الزوج على ما ذكرت من الاعتداء جاز لك طلب الطلاق ، أو الخلع منه ، وإنما الممنوع من ذلك ألا يكون هناك سبب شرعي أو حسي يدعوك لتركه ، أو ترك بيته .
فإن رضيت ببقائك على هذه الحال : وجب عليك أن تعطيه حقه في الاستمتاع وغيره إن أراد ذلك ، مع تجنب خطر أخذ الأولاد بإقامتك في سكن مستقل كما سبق .
والله أعلم .