الامل مـــدير المنتدى الفنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى
عدد المساهمات : 19301 رصيد نقاط : 51954 رصيد حسابك فى بنك نور : 577 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 البلد : مصر
بطاقة الشخصية عـــائلــة نــــــــــور: 50
| موضوع: النوبية بين العصر القديم والعصر الحديث الأربعاء يونيو 09, 2010 2:51 am | |
| الكثير من الأجيال المعاصرة لا تعرف عن النوبة سوي
الأسم فقط ، لعدم رؤية النوبة القديمة خلف السد
ومعرفة كل ظواهره وخصوصيته وعاداته وتقاليده المتوارثة
منذ زمان الأســـلاف .
كان مناخ النوبة قديماً صحي جداً برغم قسوة الطبيعة والمكان
وشدة الحرارة في فصل الصيف لاسيماً في البقاع الصحروية الضيقة
، ولعل السر في ذلك جفاف الهواء والصحراء الشاسعة والجبال
الممتدة بقرب نهر النيل ، وكان أخطر الأمراض التي مرت بالنوبة
مرض الجدري ذلك المرض الفتاك الذي فتك بالناس من الشمال للجنوب
وفي كل أرجاءها بسبب قلة التطعيم في النوبة والعزلة التي تعيش
فيها من أغلاق وحرص من دخول الغرباء اليها .
طبيعة الرجال في النوبة عموماً ذو أجسام قوية وتقاطيع وسيمة
وهم أقصر قليلاً من المصريين ، لا شوارب لهم ولحاهم صغيرة
ولا تتجاوزأسفل الذقن ، وكل ما كان الوادي كبير للزراعة
وميسور الأهالي علي سعة من الرزق تجد أطول قامات وأضخم
أبداناً بعكس البقاع الصخرية والتي لا تتجاوز عرض الوادي
فيها عن عشرين يارة أو ثلاثين ويكاد بعض الرجال في القري
الضيقة هيكـلاً وهزيـلاً .
أما النســـاء فقد ذكر ( الرحالة بوركهارت )أنهن قامات بديعة
ووجوه طلقة وأن لم تكن جميلة في الشكل تجدها لطيفة في غاية اللطف ،
بل أنني رأيت بينهن نساءاً بارعات الجمال ولست أشك أن الجمال سمة
موجودة بينهن وأذا قل نسبة الجمال فذلك يعود للعمل الشاق الذي
يقمن به منذ الطفولة فشئون البيت كلها موكولة إليهن ، أما
الرجال في الزراعة والنساء في جلب المحاصيل والتربية والنظافة
ورعي الماشية والمشاركة في موسم الحصاد وبذر البذور ، لذا وجدت
نساء النوبة أعف نساء الشرق قاطبة وعفهن أجدر بالأشارة ، لما
كان ينتظر تأثرهن بالمجتمعات الأخري الذي يشتد فيها الرزيلة
والبغاء ، وفي أثناء مكثي في أسنا في ما بين 1798 إلي 1801 م
كان الفتيات يأتين إلي مسكني كل صباح لبيع اللبن وكانت المصريات
منهن يقتحمن فناء الدار في جراة ويسفرن عن وجوههن وهو مسلك
يفهم منه عرض أنفسهن للرزيلة ، أما النوبيات والكثير منهن يقمن
مع أسرهن في أسنا ويقفن علي أعتاب البيت متأدبات ولا يتجاوزنها
بحال من الأحوال ويأخذون ثمن اللبن وهن مقنعات .
ومن الأمور الجميلة أن يدفع الكنزي عادة أثني عشر محبوباً ثمناً
لعروسه وهو ما يعادل 36 قرش ، ويقل ذلك المبلغ في المناطق
النوبية الأخري وقد تزوج العبابدة الكثير في بلاد النوبة وكان
مهر العروسة 6 أبل تعطي لأبيها ثلاثة أبل وتأخذ هي الثلاثة
الباقية مع زوجها وأذا طلقت أخذ الزوج ثمن نصفها وأذا أصرت
المرأة علي الطلاق يستولي الزوج علي كل جهازها وتحلق المرأة
رأسها ، مع أن الطلاق كان نادر الحدوث في ذلك الزمان .
تقوم النساء في النوبة بعمل الأنوال الصغيرة لغزل العباءات
من الصوف الخشن والقماش القطني يصنعون منه القمصان وكذلك
يصنعون من سعف النخيل الحصير ( البرش ) والأطباق التي توضع
غطاءللخبز والصواني والسلات التي يوضع فيها البلح والفشار
والحلويات وسلات كبيرة لحمل الأشياء فيها والتخزين ، ويصنعون
من بواقي الأقمشة سجاد للصلاة والفرش للجلوس عليها وتزين
الغرف الداخلية للبيت النوبي .
النوبيين يتصفون بالرقة واللطف والعزوف عن السرقة وهي رزيلة
معروفة في باقي المجتمعات المصرية وخصوصاً الأقاليم الواقعة شمال
أسيوط ، وتكون معدومة لان حكمها في بلاد النوبة النبذ والطرد
النهائي بدون رجعة من القرية وكل البلاد الأخري بالأجماع .
أما الكرم وحسن الضيافة سمة معروفة في كل البلاد النوبية
أما الكنوز والسكوت لهم طباع الفضول في سؤال الغريب القادم
اليهم بوابل من الأسئلة والأستفسار والمهمة التي جاءوا من أجلها .
يمتاز النوبيين بالجراة وحب الأستقلال وشدة التعلق بالأرض والحفاظ
علي التراث والهوية واللغة ، ومنهم مما يدرك اللغة العربية يحافظ
علي الصلوات كل يوم وأما من يجهل الحديث بالعربية يصلي ولكن
لا يعرف غير التهليل والتكبير ، وقد حج الكثير منهم عبر طريق
سواكن مكة .
كان سكان النوبة من أسوان إلي حدود المحس الجنوبية عبر أقليم
طوله 500 ميل ومتوسط عرضه نصف ميل وبعد سكان يتجاوز
المائة وخمسين ألف شخص في ذلك الزمان .
عندما يشب الطفل في النوبة يعدو لهمـه الأول بشراء مدية معقوفة
صغيرة يلبسها الرجال مشدودة إلي المرفق الأيسر تحت الثياب وعند
أنتقال النوبي من قرية إلي أخري يحمل معه العصا المكسو طرفها
بالحديد ( نبوت ) أو رمح ودقته وطول الرمح خمس أقدام بما فيه
سنه الحديدي ، أما الدرق فتتفاوت أحجامه فمنها المستدير
ذو السرة في وسطه ومنها ما يشبه الدروع المقدونية القديمة بطول
أربعة أقدام وله طرفان مقوسان يكادان تغطيه البدنة كله ،
وتصنع الدرقات التي يبعها عرب الشاقية من جلود فرس البحر
ولا تؤثر فيها رمية رمح أو ضربة سيف ، وكذلك يعتني منهم
القادر مادياً علي شراء السيوف وهي شبيه بسيوف الفرسان
في القرون الوسطي لها نصل طويل ومستقيم عرضه بوصتان والمقبض
علي شكل الصليب وقرابها من الطراز بعرض أسفاه ويدق رأسه
وهي صناعة ألمانية كان يبعها التجار المصريين للنوبيين بأسعار
تترواح ما بين أربعة إلي ثمانية ريال للسيف أثناء قدومهم إلي
بلاد النوبة للتجارة بين مصر والسودان كانت البيوت من اللبن أو الحجارة وكانت تقوم عادة
عند سفح الجبال هرباً من النيل والفيضان ، ويتألف
البيت النوبي من بنائين مستديرين منفصلين أحدهما
للرجال والأخر للنساء وبداخله صوامع كبيرة لتخزين
الغلال وحجرة للضيوف وجزء منفصل عن البيت لتربية
الماشية والحيوانات ، ويسقف السقف للبيت من سيقان
الذرة أو جريد النخيل التي توضع فوق جذوع النخيل .
ويطلي البيت بالجير الأبيض ويرسم فوق الجدران رسومات
سواء من الطبيعة أو الحيونات أو الكعبة المشرفة أو
مسجد الرسول ( ص ) أو زخارف هندسية مستوحة من البيئة
النوبية , ويوضع فوق أعلي الجدران من الأمام أطباق صينية
صغيرة ويعلق بعض الطيور المحنطة مثل الهدهد واليمامة وأبو منجل
ومن الحيوانات الثعالب والتماسيح والغزلان والقطط البرية
ويطبع علي مدخل البيت بعدد أسباع اليد الخمسة بعد غمسها
بالدماء التي يتم نحرها من الماشية في الأعياد والمناسبات ،
واليد الخمسة هي تميمة قديمة وخرافة توحي بطرد الحسد من البيت
بالأضافة إلي تعليق السبع خرزت فوق باب البيت وهي عادة وخرافة
مسيحية كانت سادة في بلاد النوبة تمنع دخول الشياطين للبيت
وأيذاء أهله ، وفي الداخل من الأشياء الهامة للبيت النوبي
الأبريق والطشت الخاص بغسيل الأيادي والوضوء والخروج لقضاء
الحاجة خارج البيت ، أما الصندوق الخشبي الكبير يوضع بداخله
كل الأشياء الثمينة والملابس وبعض المواد الغذائية مثل السكر
والشاي والحلويات والمعلبات والصندوق من أهم الأشياء التي
يتم جلبها العريس للزواج .
أما الديو وهي الصاج التي يصنع عليها عيش الدوكة النوبية
وتكون موضوعة فوق ثلاثة أقماع من الطين علي شكل مخروطي ويكون
مكانها في أقصي أركان البيت المطبخ وبجوره قطعة قماش تمسح به
الصاج بالزيت وتسمي قماشة الديو ( كدين ديو ) وقصعة سيخ
لتقليب النار أسفل الديو سواء كانت من بقايا الخشب الناشف
أو روث الحيونات التي توضع في الشمس بعد أن تجمع وتعمل علي شكل
دوائر صغيرة تكون بديل للحطب أو الخشب ، أما الفرن النوبي
يتكون من بناء مربع بطول 80 سم في أرتفاع 80 سم ويوضع من
فوقه فرن نوبي مصنوع من الطين علي شكل قبه ولها فتحة من
الأمام لدخول الصواني والأطباق وفتحة من أعلي شكل القبة
وفتحتان من الجوانب صغيرة ، الفرن النوبي من قطعتين الأول
يوضع فيه الحطب أوالروث الحيواني أو بقايا المحاصيل الزراعية
والقطعة الثانية جسم الفرن القبوي الذي يوضع في داخله
كل أنواع الطعام والصواني ، ويكون من أدواته أطباق من
الطين لوضع العجين فيها حتي تخمر في الهواء والشمس قبل وضعها
في الفرن وعصا لتقليب الحطب أو سيخ حديدي وقماشة سميكة
لحمل الأشياء الساخنة من الفرن وغطاء طيني لغلق فواهة الفرن
ومنع تسرب السخونة إلي الخارج أثناء صنع الخبز أو الطعام .
طعام النوبيين المألوف الذرة وهو في غاية الخشونة ويصنع بغير
ملح ويخبر فوق الصاج كبدو الجزيرة العربية ويطحن النساء زاد
كل يوم بيوم في الصباح ولا يستغرق أكثر من عشرة دقائق للطحن
والعجن ، وفي سكوت والمحس يصنعون الخبز رقاق مستديرة ويوضع فوق
بعض عند تقديمه ويعشق النوبيين طعام الكشرنقيق واللوبيا
والملوخية والكرم مديد والدشيش ومرقة التمساح وهي ليس بها
تماسح ولكنها شربة جميلة وفي المناسبات اللحمة المحمرة في الطاجن
بدون زيت أو سمن أو ماء وتكون جافة وطرية ولذيذة الطعم .
أما القرقوش هي قريبة الشبه في الوقت الحالي بالشابورة
وتصنع في داخل البيت في الفرن النوبي لتكون وجبة خفيفة
مثل البسكوت وهي من الأشياء المحببة في الصباح مع الشاي .
هناك مشروب شعبي يسمي شراب البلح ( الشربوت ) وطريقة صنعه
ينقع في قدور كبيرة من الفخار ثم يوضع مع الماء في النار
يومين كاملين بلا أنقطاع ثم يصفي ويحفظ الرائق منه في الزعل
( البلاص ) الفخاري وتسد الفواهة بقماش أو بقايا أوراق
الذرة الناشفة وتدفن تحت الأرض لمدة عشرة أيام أو 12 يوم
حتي يتخمر ويكشف عنه ويشرب ، وهناك القليل من النوبيين
يشربون البوظة المستخرجة من الذرة والشعير وهو عظيم القيمة
الغذائية وكان في القاهرة وسائر المدن المصرية محلات لبيع البوظة
النوبية وكان أصحابها نوبيين .
النوبة لم تعرف الطهي إلا في القدور الفخارية التي يختلف الأحجام
والسعة فيها وتبدأ من طاجن البيض الصغير حتي الكبيرة والعميقة
التي يعجن فيها الدقيق ، وللفخار فوائد صحية تحافظ علي جودة
الطعام والحفاظ علي القيمة الغذائية بداخله وحرارته لمدة
طويلة بالأضافة إلي عدم أستهلاك طاقة نارية أكبر من الحطب أو
خلافه .
الشعلوب وهي الحافظة التي يوضع بها الطعام لمنع وصول الحشرات
اليها وتعلق في وسط المنزل من أعلي السقف ويتدلي منها لمسافة
تكون قريبة لبلوغ الإنسان اليه دون تعب أو ملل ،وتجعل الطعام
في أمان كبير من الناحية الصحية وتكون عادة من عدة أدوار
لحمل عدة أنواع من الطعام فوق بعض وكل منها بعيد عن الأخر
والأرتفاع .
.
| |
|
الامل مـــدير المنتدى الفنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى
عدد المساهمات : 19301 رصيد نقاط : 51954 رصيد حسابك فى بنك نور : 577 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 البلد : مصر
بطاقة الشخصية عـــائلــة نــــــــــور: 50
| موضوع: رد: النوبية بين العصر القديم والعصر الحديث الأربعاء يونيو 09, 2010 2:53 am | |
| الــزراعة
أعتمد الكثير من النوبيين في جلب أبناء الصعيد للزراعة
والفلاحة مقابل أجر يومي أو حصة من المحصول ويتم توزيع
الحصص بين المالك والشريك إلي ثلاثة أقسام .
الأول :الملكية
الثاني :التكاليف
الثالث : الفلاحة
يحصل المالك علي الثلث والشريك غير المالك والمساهم بالتكاليف
أو ساهم فيها يحصل علي الثلث والفلاحة علي الثلث .
ويرجع سبب أستعانة النوبيين بالغير في الزراعة لهجرة العاملين
إلي العمل في المدن الكبيرة ، لذا أعتمد النوبيين الزراعة
بالمشاركة حتي لا تبور الأرض وكان المالك يقدم البذور والسماد
والأبقار اللازمة لتشغيل السواقي إلي الشريك المكلف بمختلف
أعمال الزراعة وتحقق من خلالها أستغلال النوبيين حق الزراعة
والأنتفاع وتوفير العمالة المفقودة والغير متوفرة للعمل
الزراعي بعد سفر الشباب إلي خارج الحدود النوبية ، فخلقت
نوع من عدم الأكتفاء الذاتي والبحث عن السلع المستورة
من خارج الحدود النوبية ، فكانت السبب الرئيسي في العزلة
الجغرافية وعدم أنتظام حركة الملاحة النهرية وخصوصاً بعد
أنخفاض منسوب المياه في النيل ، مما أشعل القلق والخوف داخل
النوبيين لأرتباط الملاحة بحركة السلع التجارية وتخزين الذرة
والدقيق والأعلاف وخلافه حتي يشعروا بالأمان قليلاً .
قد ساعد قلة الأعلاف إلي قلة الأنتتاج الحيواني وتوابعه من
الألبان المصدر الرئيسي والأقتصادي للنوبيين فنتجة عنها
صعوبة المادة الشرائية من نقود لشراء السلع الضروية
والغير متوفرة في داخل القطر النوبي .
في غالبية القري النوبية النوبيين يفضلون الزراعة بالمشاركة مع
الأقارب سواء كانت من جهة الأب أو الأم ، وفي حالة وجود أبن العم
له الحق في أدارة الأراضي الزراعية وأذا لم يكن موجود يختار أبن
الخال أو أبن الخالة كشريك في الزراعة حتي لو كان يقيم في نجع أخر.
اما في النوبة الجديدة أختلف الوضع وصار المزارعين من العمالة
الوافدة من خارج النوبة أو من العزب المجاورة للنوبيين فكانت
فرحة جيدة لهم للعمل والأدخار لشراء أراضي في بلادهم أو أيجار
أراضي الغير بالأضافة إلي الجماعات التي كانت موجودة أصلا قبل
الهجرة وأنتقلت مع النوبيين وتصاهر البعض منهم ونشأت المنازعات
معهم مما أقاموا منازل لهم بالقرب من القرية الحالية ، فكانت
السبب في حصر النوبيين للأنتفاع بمحصول الأرض ما دام هناك قادرين
من سكان القرية في زراعة الأرض وخصوصاً الأغراب .
ظروف الهجرة وبناء السد العالي فرضت علي النوبيين أقامة علاقات
مع القري المجاورة من غير النوبيين والعزب الصعيدية ، برغم
المحاولات الجادة في تحديد تلك العلاقات والرضا بالعزلة ولكن
الطبيعة كانت أقوي من الناحية الأقتصادية والزراعية وأضاعت
العادات القديمة التي كانت موجودة بسبب التدخل الغريب في
تكوين الكثير من القري النوبية ومحاولات التأثير الأجتماعي
والخلط بين كل الأوراق ،فأفرزت سلوك جديد بعد أن طمست النجوع
التي كانت موجودة في السابق ووقوف مجموعة ضد أخري داخل القرية
الواحدة وأنفتاح النمط الجديد أمام الشباب والسفر إلي دول
الخليج والعالم وداخل المدن المصرية والعمل وتحويل مبالغ شهرية
إلي ذويهم في القري الأصلية عبر البريد ، فكثر معها جلب العمالة
للزراعة والفلاحة .
قد قسم النوبيين اليوم إلي أربع أقسام
1- الضحوية : وتبدأ من شروق الشمس حتي الظهر
2- العصرية : وتنتهي مع غروب الشمس
3- العشاوية : تنتهي عند منتصف الليل
4- الفجرية وتنتهي مع بزوغ الفجر
أعتمد النوبيين علي حركة الظل وظل الشمس لتحديد وأنتهاء
كل فترة أثناء النهار وعلي رصد عدد من النجوم إلي وحدات
زمنية والمسافة الواحدة تعادل ربع أو ثمن في اليوم .
كان النوبيين يعتمدون في الزراعة الصيفية فيما عدا
القري التي أنشئت فيها مشروعات الري لتوفير الأعلاف
اللازمة لغذاء الماشية طوال العام ، وكان الكشرنقيق
واللوبيا أهمية كبيرة لاتقل عن الذرة وخاصة عند الكنوز
لصغر المساحات الزراعية وتوفير العلف الذي يكاد يكفي
لفصل الشتاء في كثير من الأحيان ، وتزداد في الصيف لوفرة
الأعلاف الخضراء المساعدة في أمتلاك عدد أكبر من الماشية
وخصوصاً الأبقار التي يتم شراءها من السودان وبيعها في
نهاية فصل الصيف وبداية الشتاء .
تعكس تربية الماشية بالمشاركة مدي أهمية للنوبيين كوسيلة
للإستثمار بالفائض المادي القليل والأنتفاع بها ومواجهة
النقص في الأعلاف دون التخلص منها بالبيع ، ويأتي المشاركة
في التربية علي أساس التعاقد الشفوي بحيث يتولي الشريك تربية
ورعاية الماشية في مقابل الانتفاع بالألبان دون أن يكون للمالك
أي نصيب منها ويكون للمالك الحق في نصف الأنتاج من الصغار ،
وفي حالة أنتاج الذكر يحصل كل طرف علي النصف .
النوبيين كانوا دائما يتخلصون من الماشية الذكور لعدم أهميتها
أما في حالة الأنثي هناك ثلاثة حالات للتعاقد بين المالك والشريك
الأولي :- تتعلق برغبة الشريك الحصول علي أنتاج الأنثي ولا
يشاركه المالك مقابل دفع نصف ثمنها له .
الثانية :- يتازل المالك عن حقه فيها نهائياً مقابل الحصول علي
أنتاج الأنثي التي تضعها في المرة الثانية وتنازله عن أنتاج الأولي .
الثالثة :- الأتفاق علي المشاركة ويتولي الشريك التربية ويتناصف
الطرفين في كل شيء .
كانت المشاركة في تربية الأغنام سائدة بين النساء علي أساس تربية
الأغنام عمل نسائي بحث وخصوصاً النساء المسنات للحصول علي
العائد المادي وتقوية العلاقات بين بعضهن .
النسـب المــزدوج
نظام النسب المزدوج في النوبة يكشف عن سلوك الأقارب
تجاه بعض فالقرابة الأمومية لا تقل أهمية عن القرابة
الأبوية في حياة الفرد ، وكان نظام النسب قبل دخول
العرب والإسلام في النوبة نظام أمومي .
قال أبن خلدون ( لقد أنتشر عرب جهينة في بلاد النوبة
وصاهروا من النوبة وأصبحت أمهاتهم من بنات ملوك النوبة)
وقال المقريزي ( النوبيين يورثون أبن البنت وأبن الأخت
دون ولد الصلب ويقولون أن ولادة أبن الأخت وأبن البنت
دون ولد الصلب أصلح وأصح ) فأنه وأن كان من زوجها
أو غيرها فهو ولدها علي كل حال .
تاريخ ملوك النوبة أشار إلي النسب الأموي حين كانت السلطة
تنقل عبر خط الأناث ، وقد ذكر المقريزي ( أنه في عصر الظاهر
بيبرس 674- 1275 وبعد فتح المماليك بلاد النوبة حضر أبن أخت
ملك النوبة وأسمه مشكد متظلماً من داود ملك النوبة ، فجرد
السلطان معه الأمير أقسنقر الفارقان بعدة من العسكر وأجناد
الولاة والعربان وفر داود بنفسه في البحر وأسر أخوه شنكو
وأسرت أم الملك داود وأخته وكان النسب المزدوج في النوبة عاملاً
هاماً في ظهور الجماعات القرابية أحادية النسب .
كان والد العروسة في النوبة يمنح زوج أبنته مساحة من الأرض
التي يملكها وعدد من أشجار النخيل ، وتحصل الزوجة علي عدد
من الأغنام والدواجن عند الأنتقال مع زوجها إلي أقرابه .
كان والد العروسة مسئول علي تقديم الأعانة الدائمة للزوج عند
العجز أو عدم العمل ، وكانت فترة بقاء الزوج عند أهل زوجته
لا تقل عن سنة كاملة أو حين أنجاب الطفل الأول .
كان الكثير من الأزواج يحبز الأقامة مع أهل زوجنه أقامة دائمة
وظلت هذه العادة في التناقص حتي صارت أربعين يوم أو أسبوعين
أو أسبوع .
يلتزم الأخ للزوجة بتوفير مختلف المساعدات والأعانة علي مصاريف
أخته حتي يرسل الزوج المصاريف ويتعاون في العنل الزراعي هو
وأولاده وأولاد أخته أذا كانوا من سكان النجع الواحد .
تتمتع المرأة النوبية بغلو المكانة الأجتماعية وتحتفظ بقدر كبير
من السلطة داخل الحياة العائلية وكان الرجل ينادا بأسم أمه
في الحياة اليومية كدليل علي النسب الأموي ، وكان النوبيين
يذكرون أسم قبيلة الأم مضافاً إلي أسمها عند السؤال عنها .
أما الخال له مكانة مرموقة لدي النوبيين وعند الزواج يكون
الخال وكيل العروسين وتقديم المهر وخلافه وفي حالة عدم وجود الخال
يكون أبن الخالة وكيلاً للعروسين لان أقارب الأم ملزمون بالوقوف
إلي جانب عنصرهم الأمومي والدفاع عنهم .
القرابة الأبوية تفرض الوقوف إلي جانب الأقارب في منازعاتهم مع
أفراد القبائل الأخري ، فالرجل يقف موقفاً محايداً أذا كان
النزاع بينهم وبين أقاربه من جهة الأم ولا يعيب النوبيين عدم
تدخلهم لإعتبارات القرابة الأموية ، وكان الأب وأخوانه وأولادهم
في الماضي وقبل ضياع غالبية الأراضي الزراعية يساهمون كل منهم
بنصيب من مقدار المهر .
تأتي أهمية دور الخال في المجتمع النوبي بعلاقة جوهرية داخل
كل أسرة أذا لم يمكن للأب أو الأم أعطاء الموافقة في الزواج
وخصوصاً البنت في الزواج دون موافقة الخال موافقة تامة ،
ويرجع ذلك إلي تماسك النوبيين بزواج الفتاة من أحد الأقارب
العصب أو الأم ويرفضون رفضاً تاماً زواجها من خارج حدود
القرية أو مجتمع النوبة عامة ، عكس الرجل الذي يملك حق
الزواج والاختيار من خارج قبيلة الأم ولكن بعد موافقة
الخال لان الرأي الأول والأخير في يد الخال ، ولكن في حالة طلب
الفتاة من أبن العم لا يحق للخال التدخل في الرفض أو منع
الزواج منه ،ويحق للخال التدخل في حالة تقدم أكثر من أبن
عم للفتاة واختيار الشخص المناسب.
من هنا نجد مدي أهمية العلاقات القرابية سواء كانت أبوية
وأموية في عدم وجود خلافات أو طابع العنف الذي يتميز به
المجتمع النوبي بسبب قوةالتماسك وتفرع علاقة النسب المزدوج .
تتمتع سلطة الأم داخل الأسرة بقدر اكبر وكبير عن سلطة الأب ،
فالأم تستمد السلطة من المكانة العالية في الحياة النوبية
ولا ينفرد الرجل في اتخاذ القرار دون الرجوع للأم وخصوصاً
في الزواج ، ولا تختلف سلطة الأم عن الأب فهما مشتركان في
تكوين أسرة تحمل بين أركانها أولاد وبنات وجيل وراء جيل ،
وتقوم برعاية الأسرة عند سفر زوج خارج القرية للعمل
وتشرف في ضبط العلاقات الداخلية لكل أفراد الأسرة .
عند عودة الزوج تتولي شئون البيت وتربية الأغنام والأشراف
علي الزراعة وتنحصر مسئولية الزوج في توفير النقود اللازمة
لتقويم الأسرة ورعايتها ويتمتع الأب بمنزلة عالية وفائقة
لدي الأبناء وكلما كبر الأولاد زاد التواثق والترابط بينهم
ومعها يحاول الأب جاهداً في عدم خروج أي فرد من الأبناء
خارج المنزل بعد الزواج حتى يكونوا أكثر تماسكاً وقوة في العلاقات الأسرية والقرابة والنجع والقرية حتى يصبح لكل
قبيلة ( كبير العائلة ) الذي يتولي الأحكام العرفية وحل
المشاكل والمنازعات التي تكون نادرة الحدوث في بلاد النوبة .
القبيلة
توجد في المجتمع النوبي قبائل منتشرة في كثير من القرى النوبية
وتكون في البداية جماعات تخرج من موطن القبيلة الأصلية وتهاجر
إلي قرى أخري للعمل أو الزراعة أو التجارة أو الزواج أو خلافه ،
ورويداً رويداً تنمو هذه الجماعات لتكون مع الأيام فرع من
القبيلة الأصلية ، لتؤلف كل جماعة وحدة اجتماعية منفصلة
ومستقلة تعرف باسم ( المؤسـس ) للقبيلة في القرية النوبية ،
يرجع انتشار القبيلة الواحدة في بعض القرى إلي تعد الزوجات
لمؤســس القبيلة والإقامة عند أقارب الزوجة أقامة دائمة
ويجني فيها أولاده الملكية الزراعية حسب النصوص النوبية القديمة ،
ويتفرع أحياناً فروع جديدة ترجع إلي قبيلة الأم واكتساب الأفراد
عضوية القبيلة وتصبح معها وحدة قرابية مميزة ومستقلة وتزيد في
الحجم مع مرور الأيام والسنوات . | |
|
الامل مـــدير المنتدى الفنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى
عدد المساهمات : 19301 رصيد نقاط : 51954 رصيد حسابك فى بنك نور : 577 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 البلد : مصر
بطاقة الشخصية عـــائلــة نــــــــــور: 50
| موضوع: رد: النوبية بين العصر القديم والعصر الحديث الأربعاء يونيو 09, 2010 2:54 am | |
|
القبيلة في النوبة تحمل أكبر الجماعات القرابية التي يتألف
من الإناث والذكور وتزيد أكثر من ناحية الذكور العصب
الحقيقي لامتداد القبيلة وكثرة فروعها الجماعية ، وكثيراً
ما تقيم القبيلة في نجع واحد أو نجوع متقاربة مع بعضها
في الحدود المساحية وتنقسم القبيلة إلي عدد من البيوت
حسب أسماء الذكور لمؤســس القبيلة وتنتشر أذا أتنقل أحد
أفرادها للعيش خارج النجع وخصوصاً بعد الزواج .
القبيلة النوبية هي اكبر وحدة سياسية تقوم علي أساس
القرابة الأبوية وتعتبر المنازعات والخلافات شأن داخلي
ولا يحق لغير أفراده التدخل من قريب أو بعيد ن وتستند
سلطة القبيلة إلي حجم القبيلة والثروة التي تملكها من أراضي
وسواقي ونخيل أو عامل سياسي أو ديني واعتبار أفرادها ينحدرون
من سلالة الحكام أو أتباعهم وكثيراً ما يتنازع أفرادها في
الحصول علي منصب العمدة في القرية الذي يحكم كل القبائل الأخرى
داخل القرية الواحدة ويزداد التنافس والحدة للوصول إلي المركز
السياسي و درجة الأحقية في العمودية .
تعتبر انتقال العمودية بين أعضاء بيوت القبيلة عامل رئيسي
في وقف الخلافات ين القبائل وكذلك علي منصب مشيخة البلد
مادام هناك احد أقارب العمدة مناسب لتولي المنصب و يفكر
أحد رؤساء القبائل في التقدم لطلب الترشيح للعمودية
وإذا حدث يجتمع كل القبائل الاخري لإرغامه علي العدول عن
رغبته وذلك للمحافظة علي العلاقات بين القبائل الكبيرة
والرئيسية داخل القرية ، لان المنافسة تؤدي إلي أتساع
الخلافات والمنازعات بين القبائل وبعضها وإجماع الجميع علي
اختيار شخص معين أو التخلي عن الآخرين .
يتشابه البناء الاجتماعي الكنزي والعربي والنوبي برغم
اختلاف الثقافات بين الجماعات الثلاثة الذي يتجلي في اختلاف
اللغة ، ورغم العزلة النسبية التي عاشها أفراد كل جماعة
داخل حدوده الإقليمية بسبب الظروف والبيئة وتكوين المجتمع
النوبي للهجرات الغزوات علي مر العصور التي أثرت في ثقافته
دون النواحي الاجتماعية والسياسية وخصوصاً الجماعات العربية .
| |
|