يقول أحد الخبراء إن "الحنين هو الذي يدفع شعوب
المجتمعات الحديثة للتعلّق بالمدفأة. فرغم تعدد الوسائل الحديثة الخاصة
بالتدفئة، نرى الطلب عليها يسجل إزدياداً ملحوظاً عاماً بعد عام. وهكذا
-يضيف الخبير- لا يمكننا تفسير هذا الأمر من دون الأخذ في الإعتبار عنصر
الحنين الى الماضي، إلى مراحل سابقة في حياة هذه الشعوب، حين كانت المدفأة
بالإضافة إلى أنها العنصر الوحيد للتدفئة وتحضير الأطعمة، الملاذ الذي
تجتمع حوله العائلة بحثاً عن الحميمية والشعور بالأمان."
قد يكون هذا التفسير وجيهاً، غير أن ما وصلت اليه
المدفأة اليوم، يجعلنا نبتعد كثيراً عن التفسيرات والتأويلات، لندخل في
صلب موضوع الرفاهية. ونظرة واحدة إلى تقديمات السوق في هذا المجال، تحيلنا
على عالم آخر من عوالم الجماليات التي أصبحت ضرورة يومية في الحياة
المعاصرة، ذلك أن طبيعة هذه الحياة تتطلب التفكير والبحث والعمل على كل ما
من شأنه تخفيف وطأة ضغوطها. وبالطبع يأتي المنزل ومحتوياته وأساليب وطرز
تأثيثه في مقدم العوامل التي تمنح الإنسان فرصة حقيقية للتنعم بالحياة
وإستثمار الرفاهية المتاحة.
وما يلفت الإنتباه أكثر في مجال المدافئ المنزلية، هو
إنتشارها من قرى أقصى الأرياف وصولاً الى المدن، ومن الشقق الصغيرة إلى
المنازل الكبيرة. ومن هذا المنظور يمكننا فهم الجهود الكبيرة التي يبذلها
المصممون والمهندسون والمصانع المختصة في إنتاج هذه التنويعات المدهشة من
الأشكال والأحجام للمدافئ، والتي يكاد بعضها يقترب من التحف الفنية
البديعة. والحقيقة أن وجود الوسائط والوسائل المتعددة للتدفئة وتحضير
الأطعمة، سلب المدفأة الكثير من وظائفها، وربما هذا ما يفسر الاهتمام
بالناحية الجمالية على حساب الوظيفة. غير أن الأمر في النهاية يصب في خانة
الرفاهية المطلوبة، ونمط الحياة المرغوب فيه. وتبقى المدفأة عنصراً
أساسياً ليس في إضفاء المزيد من الجمالية على الداخل فحسب، وإنما أيضاً
لدورها في الشعور بالحميمية الذي تمنحه للساكنين، وأيضاً لدورها في تحقيق
التواصل بين أفراد البيت الواحد. فحولها تلتئم الأسرة، وتدور الأحاديث،
ويطيب السمر. ويمكننا ملاحظة ثلاثة أنماط من المدافئ اليوم، وهي جميعها
صالحة للمنازل والشقق وأيضا لكل الغرف، بدءأ من صالة الحمام مروراً بصالة
الجلوس والصالون وصالة الطعام وصولاً إلى غرف النوم. النمط الأول: المدافئ
الجدارية النمط الثاني: مدافئ الزوايا النمط الثالث: المدافئ المركزية أو
الوسطية. ونجد في هذه الأنماط الثلاثة، كل ما يلبي الرغبات والأذواق
والمساحات.
وفي الأنماط الثلاثة نجد المدافئ التي يتم تشغيلها بالغاز أو
بالكهرباء، أو بكل بساطة بالحطب. غير أنها جميعها تقدم إضافة مهمة
لجماليات المكان وتضفي عليه سحراً خاصاً وجواً أخاذاً لا يمكن مقاومته.
فالأشكال المتوافرة تناسب كل طرز الديكور وأساليبه، من أقصى الكلاسيكية
الرصين إلى أقصى الجسارة والطرافة، تدعمها مروحة واسعة من الألوان التي
تضع حداً للحيرة والتردد، بل وتشكل في أحيان كثيرة حلولاً جمالية لإيجاد
لمسة مفارقة في المكان. إلى جانب ذلك سنجد أن المواد المستخدمة في صناعة
المدافئ بلغت من التنوع والابتكار حداً غير مسبوق. وليس أدل على ذلك من
تلك التجديدات "الثورية" التي شهدتها المدافئ مع بداية سنوات السبعينات من
القرن الماضي، حين دخلت في تصنيعها مواد كانت إلى حد بعيد حكراً على
الصناعات الدقيقة في التكنولوحيات المتقدمة، ونعني بذلك الزجاج الذي شكل
تحولاً جذرياً، جمالياً ووظيفياً، للمدفأة. هذه المادة الشفافة التي تسمى
"فيتروسيراميك" بدأ تصنيعها في أميركا، وبإلحاح من وكالة الفضاء الأميركية
لتطويرها نظراً لخصائصها المذهلة في تحمّل الصدمات الحرارية. ولقد إستطاعت
الصناعة الأميركية الوصول إلى نتائج مبهرة في هذا المجال، فتم إبتكار جيل
من هذه المادة قادر على مقاومة أكثر من 800 درجة من الصدمات الحرارية.
ومن خصائص هذه المادة إمكانية تصنيعها بشكل شفاف وبشكل
حاجب. وهكذا تسللت إلى عالم صناعة المدافىء بعدما تسنى للمصممين معرفة
مزاياها الوظيفية، فانكبوا على الابتكار واكتشاف مزاياها الجمالية المثيرة
للدهشة والإعجاب. وتعتبر "بلانيكا" Planika رائدة في هذا المجال وتقدم
مجموعة مدهشة من المدافئ المثيرة في تصاميمها الفنية البديعة، إلى حد يجعل
من المدفأة إضافة جمالية إلى المكان لا يمكن أن تخطئها العين. إلى جانب
هذه المادة المدهشة، دخلت صناعة المدافىء مادة معدنية لم تكن معروفة أيضاً
قبل ثلاثين عاماً، وهي "الفونت" وأتاحت هذه المادة ولادة جيل جديد من
المدافئ بديعة الأشكال والتطبيقات الجمالية الأخاذة. وبالتوازي، كان العمل
دؤوباً لإبتكار "أكسسوارات" ضرورية، وتطوير أشكال جديدة منها تناسب
التحولات التي تشهدها المدفأة. فتم طرح مجموعات بالغة التنوع في الأشكال
والمواد، تشترك بينها بخصائصها الجمالية المثيرة. والواقع أن التحوّل
الكبير الذي أحدثته ه ذه المواد الجديدة، لا يقتصر على مستوى الشكل
والأداء، بل يشمل المستوى البنيوي، إذا صح التعبير. بمعنى أن هذه المواد
الجديدة أخرجت المدفأة من سياقها التاربخي كعنصرينتمي إلى العمارة،
وأدخلتها في عالم الزخرفة الداخلية. وهكذا تقدمت المدفأة لتشغل مساحات
جديدة في الداخل لم تكن معتادة في السابق. وتقدم "فوكوس" Focus في هذا
المجال نماذج متعددة، تحمل من التجديد والتغيير ما يمنح فرصة نادرة
للإختيار، ويقدم حلولاً هندسية فريدة، وطواعية مثالية لاستثمار المساحات
الداخلية للمنزل. وإذا كان لابد من الإشارة إلى أن المدفأة "التقليدية" لا
تزال مرغوبة وشائعة، فإنه لا يمكن إغفال التطويرات الجمالية التي شهدتها
أيضاً، مواكبة لتطوير الأثاث المنزلي نفسه. وتعمل "بريزاك" Brisach في هذا
المجال على تحديث حقيقي لتقاليد المدفأة، لتستوعب من خلال نماذجها
الجماليات المتجددة في مجال الديكور