طيف مـــدير المنتدى مطبخ نـــــــــــــــور الاسلام
عدد المساهمات : 9476 رصيد نقاط : 28563 رصيد حسابك فى بنك نور : 171 تاريخ التسجيل : 28/06/2009 البلد : مصر
بطاقة الشخصية عـــائلــة نــــــــــور: 50
| موضوع: السمكه الضائعه الغد المشرق الإثنين يونيو 21, 2010 2:55 am | |
| الشمس ترسل أشعتها الذهبية لتشع النور والدفء في كل مكان ومع وصول أول هذه الأشعة إلي الأرض يخرج العم حامد لكي يصطاد يحمل على كتفه شباكه الكثيرة يصل إلى النهر ويركب مركبه الراسي على الضفة الغربية للنهريبسمل بسملته المعتادة ،بعدها يلقي بشباكه في النهر ثم ينتظر قليلاً وبعدها يسحب الشباك مرة أخرى ممنياً نفسه بصيد وفير .. لكن يخيب أمله وتخرج الشباك خاوية تماماً من أي نوع من أنواع الأسماك التي يزخر بها النهر
اللهم إلا قليلاً من صغار السمك الذي لا يصلح للبيع ،أو حتى للطعامفيرده مرة أخرى للنهر علّه عندما يكبر يصطاده يكرر عم حامد محاولاته في طرح الشباك وسحبها-يتذكر أبيهحينما قال له يا بني الصيد مهنة الصبر فتحلى به يرزقك الله - لكن في كل مرة تخرج الشباك كما هي ليس بها إلا قليل من صغار السمك .. انتصف النهاروالحال كما هو الحال ففكر عم حامد في إلقاء الشباك بالقرب من الشاطئ ويذهب ليتناول طعام (الغداء)ثميعود إلى شباكه لعل يجد بها شيئاً . في تلك الأثناء كان مصطفى يستعد ليواصل رحلة صيده اليومية حيث أنهيصطاد الأسماك لكي يأكلها هو وأمه وأخوته أو يبيعها ويشترى بثمنها طعاماً آخر .. فأبوه توفى منذ زمن وهو أكبر أخوته وكان يجب عليه أن يترك مدرسته ويعمل حتى يستطيع أن ينفق على نفسه وأمه وأخوته أبوه لم يترك لهم شيئاً وهو لم يتعلم أي مهنة يستطيع من خلالها أن ينفق على نفسه وأسرته كما أن المهن التي عمل بها بعد وفاة أبيه لم يفلح فيها؛ فلذلك اتجه للصيد فهو هوايته منذ صغره وحبه الأثير. أخذ مصطفى سنارته وطعوم السمكالتي يصطاد بها وذهب إلي النهر وجلس في مكانهالمفضل على حافة النهر بعدها ألقى سنارته ، وعندما شعر بهزة في يده أسرع واخرج السنارة لكنه لم يجد بها شيئاً. عاد وألقى السنارة مرة أخرى وإذا به يشعر بهزة عنيفة في يده فأخرج السنارة على الفور فرأى مقدمة سمكة كبيرة جداً حاول إخراج السمكة لكن جسده الضئيل لم يساعده على إخراجالسمكة وخاصة بعد أن رأى أن هناك خيوط شباك ملقاة فيالنهر تعوقه هي الأخرى عن إخراج السمكة وعندما مال على حافة النهر وحاول تخليص السمكة من خيوط الشباك هاجمه من الخلف صوت أجش قال له :- - ماذا تفعل هنا يا فتي؟ وما هذا الذي أراه في يدكإني أصطاد والتي في يدي هذه سنارتي . توقف برهة وعاد يقول:- - أيوجد قانون يمنع الناس من الصيد حتى الآن لا يوجد لكن يوجد أناس أقوياء مثلي يبلعون أناس ضعفاء مثلك . لوح صاحب الصوت الأجشبيده ناحية النهر وعاد يقول :- - مثل الأسماك التي في النهر فإن كبيرها يأكل صغيرها لكن هناك قانون ،وهناك قضاة وحكام فلسنا في غابةولسنا كالأسماك بلا هوية لا تعرف إلا الماء وطناً لهاعلى رسلك يا فتي .. فأنت مازلت صغيراً على كل هذا . صغير .. صغير على ماذا أيها الرجل ؟ - أراك تعارضنيوأنت فتي صغير .. اذهب يا بني لأمك أنت بحاجة لكي تطعمكفتتها الشهية . السمكة تبدل نظرها بين الفتي والرجلوتحاول الهروب من خيوط الشباك اللعينة التي تحكم قبضتها عليها اغتاظ مصطفى من الرجل ورد عليه بلهجة عنيفة لم أعد صغيراً حتى تطعمني أمي بيدها أو من فتتها حسناً حسناً وماذا تريد مني الآن أريد سمكتي التي اصطدتها بسنارتي إن أمي وأخوتي في انتظاري حتى أعود إليهم بما رزقنا به الله لكى تمتلئ بطونهم الخاويةوإذا لم أعطك السمكة التي تزعم أنها ملكك ماذا ستفـ ؟ قاطعه مصطفى قائلاً : لا تقل أني أزعم بل هي ملكي بالفعل وسوف تعطيها لي شئت أو لم تشأيا بنيّ تلك السمكة هي ملكي وأنت وجدتها في شباكي فهلتريد أن تأخذ شيئاً ليس من حقك؟ بلغ الضيقبالسمكة مداه وصرخت فيهما :- - خلصاني من هذا الأسرأما أن تتركاني أعود لأولادي في النهر وتأخذاني وتريحاني أفضل من هذا العذاب الذي أنا فيه . نظر الفتي إلى السمكة ثم عاود النظر إلى الرجل وقال : فلنذهب إلى قاضي المدينة هو الوحيد الذي يستطيع أن يفصل بيننا وما سيحكم به سوف يسري على كلينا وافق عم حامد على فكرة الفتى ووافقت عليها أيضاً السمكة وذهبوا جميعاً للقاضي لعرض المشكلة عليه وبعد أن وصلوا إلى دار الحكم طلب القاضي منهم أن ينتظروا قليلاً حتى ينتهيمن الفصل في إحدى القضايا المنظورة أمامه انتظروا مر الوقت بطيئاً .. القلق يكاد يقتل الفتى فأمه وأخواتهينتظرون عودته لهم بالطعام الخوف يملأ قلب الفتىالصغير فماذا لو لم يحكم له القاضي بأخذ السمكة ؟ إنها لطامة كبريسينام هو وأخوته وأمه بدون طعام هذه الليلة مثلها مثل ليالي كثيرة مضت . استيقظ على صوت الحاجبالصاخب وهو ينادى :- - قضية السمكة دخل الفتى وعم حامد ومعهما السمكة إلي ساحة القضاء التي يتوسطها رجل في العقد السادس من عمره وجههكثير التجاعيد تطل بعض الشعيرات البيضاء من أسفل عمامتهالكبيرة يرتدي ملابس فاخرة مزركشة بعد أن سمحللمتقاضيين بالمثول أمامه نظر إليهما في عجب وقال : أني في عجب من أمركما فما هو الشيء الذي تنازعانعليه لكي تأتيا إلى دار الحكم حتى نفصل لكما فيه ثم نظر إلى الرجل وعاد يقول :- -وأنا أري إنك رجل كبير والذي تقاضيه فتي صغير في عمر ابنك!! حاول الرجل أن يتكلمليوضح للقاضي المشكلة وفي نفس الوقتحاول الفتى أن يتكلم أيضا لكن الحديثين تداخلت كلماتهما فيبعضهما البعض ولم يصل إلى أذن القاضي سوى كلمات مشوشة فأمرهما بالسكوت ، وبعد برهة من الوقت أمر القاضي الرجل الكبير بالحديث فقال عم حامد :- - سيدي القاضي .. أنا كما ترى صياد ، ورزقي ورزق أولادي يعطيه الله لي يوماً بيوم واليوم خرجت كعادتي للصيد ، ولكني لم اصطد شيئاً حتى موعد الغداء فكرت بيني وبين نفسي بأنألقي الشباك وأذهب لتناول طعام الغداء وأعود لكي أخرجها وأخرج ما فيها من أسماك فهي رزقي ورزق أولاديلكن عندما عدت إلى النهر وجدت هذا الفتى يحاول أن يخرج تلكالسمكة ويخلصها من خيوط شباكي ، وعندما سألتهلماذا تصطاد في هذه المنطقة مع أن هناك علامات طافية على سطح الماء توضح أنه يوجد شباك ملقاة لشخصأخر لم يجبني وأصر على أخذ السمكة وعندما حاولتمنعه قال لي لنحتكم إلي ( دار الحكم ) وثقة منييا سيدي في نزاهة حكمكم المشهود بها في طول البلادوعرضها أثرت اللجوء إليكم لتحكم بيننا حمحم القاضي وقال : - مفهوم .. مفهوم . ثم نظر إلى الفتي الصغير وقال له :- - وأنت أيها الفتى ماذا عنك وعن قصتكرد الفتى بصوت حزين وقال :- - مولاي القاضي .. أنا أخ لأربعة أخوة غيريوأيضا عائل أسرتي كلها بعد أن مات أبيومرضت أمي .. ولم أجد أمامي بابًا للرزق سوى الاصطياد لأنه كما ترى يا سيدي أنا فتي صغير ولم يشتد عودي بعد وقد طفت بكثير من المهن والحرف ، ولكني لم أفلح في الالتحاقبأحد منها أو تعلم أى صنعة أو حرفة تعييننيعلى تحمل المسئولية الملقاة على عاتقي وقد عملت بنصيحةأمي بأن أتوجه إلى النهر لكي أصطاد وأن كلما يرزقني به الله هو رزقنا وكل ما قاله عم حامد هو كلام كله صحيح ، ولكن ليس له الحق في أخذالسمكة قاطعه القاضي بحزم وشدة :- - كيف .. كيف ليس له الحق في أخذ السمكة وأنت تقولأن كلامه كله صحيح ؟ أليست هذه السمكة هي نفسها تلك السمكة التي وجدتها في شباكه رد الفتى في هدوء وثقة : - نعم إنها هي السمكة نفسها ، ولكنّي أطلب من سيدي القاضيأن يفسح صدره لي ويسمعني جيداً . نظر إليه القاضي باستغراب وقال :- - قل ما عندك فكلّى آذان صاغية . قال الفتى :- - ذات مرة كنت أسير في الطريق وإذ بي أشعر بالعطش الشديد فانزويت ناحية إحدى القدر الموضوعة على جانب الطريق كي أروي عطشي منها وبعد أن شربتورويت عطشي وجدت تحت قدمي شيخ عجوز ابتر القدمين ولا يستطيع الوصول إلى كوب الماء لكي يملأه ويشرب منه وعندما رأيت عجزه الظاهر وعدم قدرته على الوصول إلى كوب الماء الموجودأعلى القدر قمت بملء الكوب وأعطيته ليشرب بعد أن فرغ من الشرب .. شكرني ودعا لي بالخير والسلامةفقل لي يا سيدي يا ترى لمن يكون أجر الثواب ؟ هل للذي وضع القدر وتعب في ملئه أم لي أنا الذي سقىالشيخ العجوز؟ رد القاضي قائلاً :- - لك جزاء يا فتى ولصاحب القدر جزاء ، ولكن قل لي أنت ما علاقة كلهذا الكلام بموضوع قضيتنا تلك ؟ رد الفتى مسرعاً :- -سيدي القاضي أنت تعلم أن النهر ملكاً للجميعوليس حكراً على أحد وأن ما به من خيرات هي ملك للناس جميعاً وهذا النهر يشبه في حكايتي الطريقالذي كنت أسير فيه ، والشباك التي ألقاها عمي حامد ما هي إلا أداة لإخراج السمك من النهر وهي تشبه القدر في حكايتي الذي هو أداة لتوفير قدر كبير من المياه للناس قاطعه القاضي وقال له : والكوب ماذا يمثل في حكايتك ؟! رد الفتى بنفس هدوئه وثقتهالكوب يا سيدي في حكايتي يمثل السنارةالتي بواسطتها استطعت أن أخرج هذه السمكة من النهرولذا فإن هذه السمكة هي ملكي أنا لأني الذي تعبفي استخراج طعوم السمك وأيضاً الذي تعب في إخراج السمكة من النهرقال له القاضي: لكن في حكايتك كان الثواب لك ولصاحب القدر فلماذا تريد أن تأخذ السمكة كلها لك فقط رد الفتى:- - نحن أمامك يا سيدي وما تحكم به سوف يرضينا. نظر القاضي إلى الرجلوقال له : ما رأيك ؟ رد الرجل في تردد :- -نحن أمامك يا سيدي وما تحكم به سوف يرضينانظر القاضي إلى السمكة وقال لها :- - وما رأيك أنت ؟ قالت السمكة :يا سيدي أنا في حيرة شديدة فكما ترى كلواحد فيهما له ظروفه القاسية وأنا لا أستطيع أن أكون لأحد منهما على حساب الآخر فارجوا أن تأمر بعودتيمرة أخرى إلى النهر حتى أرى زوجي وأولادي . ضحك القاضي ضحكة عالية وقال :- - يا لك من سمكة شقيةلقد حكمنا بأن تنصف السمكة نصفين .. نصف للرجل والنصف الآخر للفتى أُعجب الرجل بكلام الفتى مصطفى وتنازل له أمام القاضي عن نصف السمكة وبعدها خرجا من دار الحكم متصافيين وتعاهدا على الود والصداقة والتعاون بينهما | |
|