ستيقظت سوسن من نومها فرحة سعيدة، فاليوم هو عيد الأم، وقد
انتظرت هذا اليومطويلاً، غسلت سوسن وجها وارتدت ملابسها بسرعة، ثم أخذت ما
جمعته من نقود خلال الأيام الماضية استعداداً لهذه المناسبة الغالية كي
تتمكن من شراء هدية جميل لأنّها الحبيبة في خذا اليوم المشرق. كانت أم سوسن
منشغلة بترتيب البيت، وقد أحبت سوسن أن تجعل من العيد مفاجأة تسعد أمها،
فخرجت من البيت دون أ، تخبر أمها وتوجهت إلى محل الهدايا القريب من البيت،
وفي الطريق التقت سوسن بصديقتها رباب، فسألتها بأنه عن وجهتها، فأخبرتها
سوسن بأنها ذاهبة إلى محل الهدايا القريب لشراء هدية لأمها يمناسبة عيد
الأم. نظرت إليها رباب مستغربة وقالتلها: لماذا لا تذهبين إلى السق فهناك
العديد من المحلات والكثير من الهدايا التي يمكنك اختيار هدية مناسبة من
بينها. أعجبت سوسن بالفكرة وقررت أن تنفذها وفعلاً سلكت الطريق المؤدية إلى
السوق دون أ، تفكر بعواقب المور، فهي ى تعرف الطريق جيداً ولم تذهب سابقاً
إلى السوق إلا برفقة والدتها. وصلت سوسن بصعوبة إلى السوق وبدأت تطوف
شوارع المدينة ومحلاتها وتتفحص الهدايا المعروضة بأنواعها واشكالها وتقارن
أثمانها بما تملكه من نقود، وأخيراً استقر بها الأمر في محل للعطور، اشترت
سوسن زجاجة عطر وغلفتها بورق لامع جميل واحملتها عائدة إلى البيت وهي تكاد
تطير من الفرح، ولكنها لن تهد إلى الطريق المؤدية إلى البيت وبدأت تطوف
الشوارع محاولة تذكر الطريق الطريق دون جدوى، وأدركت خطأها وبأنه كان عليها
أ، تبلغ أمها وتستعين بمن هم أكبر منها، وراحت تفكر بوالدتها المسكينة
وشعورها عندما تبحث عنها في البيت فلا تجدها، وفجأة بمحت سوسن رجل شرطة يقف
على ناحية الشارع، توجهت سوسن مسرعة إليه وأخبرته بما حدث معها، وكيف خرجت
من البيت وضلت طريقها، وضع الشرطي يده على رأس سوسن بلطف وطلب منها أ، لا
تقلق وأخبرها بأنه قد شاهد ارمأة تبحث عن طفلتها في مركز الشرطة قبل أكثر
من ساعة. صاحت سوسن: لا بد أنها أمي المسكينة، اصطحب الشطري سوسن إلى مركز
الشرطة وما كادا يدخلان المركز حتى شاهدت سوسن أمها جالسة على المقعد وقد
وضعت رأسها بين كفيها وعلامات الحزن بادية عليها، ركضت سوسن نحو أمها ألقت
نفسها في حضنها والدموع تتساقط من عينيها، أخذت الأم تقبل رأس سوسن، نظرت
سوسن إلى أمها وقالت: سامحيني يا أمي لما تسببت لك به في عيدك من ألم وحزن،
لم أقصد إخافتك ولكنني كنت فقط أريد شراء هدية تليق بك. قدمت سوسن زجاجة
العطر لأمها وقالت لها: كل عام وأنت بخير يا أمي، واحتضنت الأم سوسن مرة
أخرى ودعت لها بالسعادة والهناء وطول العمر. قالت سوسن: أتعلمين يا أمي..؟
لقد شممت معظم روائح لم أجد عطراً أو رائحة أجمل من رائحتك العطرة يا أمي،
لقد أحسست وأنا أغمر رأسي في أحضانك بأنني أشتم أجمل رائحة في الكون وأجمل
وأروع عبير تتركه قبلاتك فوق وجنتي.