في ظهيرة احد الأيام استلقى الملك سليمان تحت شجرةٍ من أشجار حديقته, حوله خادمين حاملان مهفات لِإبعاد الذباب عنه, وبينما الملك نائم مرت نحلة صغيرة من فوق رأس الملك وببطيء حطت على انف الملك سليمان ولدغته .
استيقظ الملك مذعوراً وراح يصيح:" انفي انفي " وأيقن أن نحلة لدغته , فانقلب وجه الملك احمراً كالدم وشعر بِألم حاد في انفه.
أَمَرَ المَلك الخدم أن يبحثوا عن النحلة كي يقاصصها على فعلتها, إلا أن النحلة نجحت بالفرار واختفت.
غضب الملك غضباً شديداً وأمر بجلب كل النحل الذي في مملكتِهِ ليَتَبَيّن من منهم قام بلدغِه.
حَضَرَ النحلُ من كل جهة مستغرباً أمرَ الملك يتساءَل فيما بينَهُ :"تُرى ماذا يريد الملك منّا".
علا طنين النحل فصاح بهم الملك :"سه.. سكوت".
فصَمتَ النحل ولاحظوا أن انف الملك احمراً كبيرا فارتَعَبوا.
صاح سليمان:" من تلك النحلة التي تَجَرَّأت ولدغت انف ملكها"
وفجأة خَرَجَت نَحْلَةٌ صَغيرَةٌ من بين جماهير النَحْلِ الغفيرَة وقالَت:" ها انا بين يديك, جلالة الملك , أنا الخاطئة المذنبة "
نَظَرَ الملك إلى النحلة فإذا بها صَغيرة جداً فقال لها:" كيف تجَرّأتِ على لدغ انفي ".
فأجابت النحلة :" انا لا ازال صغيرة , عمري اياماً معدودة , لم اتعلم بعد التمييز بين الانف والوردة وبين الوردة والانف , ولأن انف الملك رائحته كرائحة الياسمين ولونه كَلون التفاح لم امَيّزه من الورد وارتكبت تلك الخطيئة".
انفرجَت أسارير الملك بعد ان سمع كلام النحلة وقال لها:" أنت نحلة ذكية وانا قررت الافراج عنكِ, شرط ان لا تكرري مثل هذا العمل".
فرحت النحلة وشكرت الملك وقالت لَهُ:" شكراً لَكَ يا حضرة الملك, أتمنى ان اقدر على اسداء الجميل لك يوماً ما".
ضَحِكَ سليمان وقال ساخراً :" انت الحشرة الصغيرة تسدين لي معروفاً طيري الآن قبل ان اغيّر رأيي".
طارت النحلة بعيداً بعد سماعها كلام الملك.
وبعد عدة ايام حَضَرَت بلقيس ملكة سَبَأ الى مملكة سليمان يرافقها جيشها كي تزور الملك وتفحص ذكائِهِ وحكمَتِهِ التي يَتَحَدَّث بها كل الناس.
احضرت الملكة بلقيس ضُمم كبيرة من الزهور الاصطناعية من صنع الانسان وبين تلك الضُمم وَضَعَت ضمَة ازهار طبيعية حَيَّة , و لكنها كانت تشبه الازهار الاصطناعية جداً لدَرَجة انهُ من المستحيل التَمييز بينها .
سألت الملكة بلقيس الملك سليمان:" ايُّ من هذهِ الزهور طبيعية حقيقية وايها الاصطناعية".
نَظَرَ الملك سليمان الى الازهار واحتار في أمرِهِ وفجأه دَخَلَت نحلة صغيرة لم يرها الا الملك وحَطَت على احدى الازهار , عندها عرف الملك انها هي الزهرة الطبيعية واشار اليها بفرح وسعادة .
ذُهِلَت الملكة بلقيس من ذكاء الملك وقالَت انها فعلاً الزهرة الطبيعية , وهكذا استطاعت النحلة اسداء الجميل للملك وايقن الملك انه لا يجوز الاستهتار بالحشرة الصغيرة لأنها تستطيع ان تعمل الكثير.