السؤال: هناك حديث في أوساط الناس عن بعض العقاقير التي تتحكم وتقلل من نسبة الشعور بالجوع ، والعطش ، في جسم الشخص ، ويقوم بعض الناس باستخدام هذه العقاقير في شهر رمضان ، فما حكم تناول هذه العقاقير ؟ . ولمزيد معلومات عن هذه العقاقير زوروا الموقع التالي : http://fasting.ramadantablet.com/#
الجواب :
الحمد لله
عرَّف العلماء الصيام بأنه : " التعبد لله بالإمساك عن المفطرات كالطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس " ، كما قال تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/ 187 ، وكما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ . مَرَّتَيْنِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي ، الصِّيَامُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا) رواه البخاري (1795) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
والمفسد للصوم يسمَّى عند العلماء " المفطرات " ، وأصولها ثلاثة : ذكرها الله عزّ وجل في قوله : ( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/ 187 ، وقد أجمع العلماء على أن هذه الثلاثة تفسد الصوم .
" الشرح الممتع " ( 6 / 235 ) .
والعقاقير الوارد الإشارة إليها في السؤال هي – بحسب الموقع المحال عليه – حبة مكونة من أعشاب ومواد مباحة الاستعمال والتناول ، وتسمَّى " حبة رمضان " ، وفيها من أنواع الفيتامينات المتعددة ( بي 1 ، بي 2 ، بي 6 ، بي 12 ) ، وغيرها من المواد النافعة للبدن ، وهي تزود الجسم بالنشاط أثناء النهار ، وتخفف عليه الجوع ؛ لما في هذه المواد من قدرة على مساعدة المخ على إعطاء أوامر للجسم ليبحث عن الغذاء في الشحوم ، والدهون الزائدة في الجسم ، عوضاً عن المعدة الخاوية .
ومما لا شك فيه أن تناول هذه الحبوب والعقاقير في نهار رمضان أنه مفطِّر ، ولا يَختلف في ذلك أحد ؛ لكونها من الطعام ، والذي يصل الجوف مباشرة .
والظاهر من السؤال أنه عن حكم تناولها في الليل قبل الفجر ، وأنه لكون تلك العقاقير لها القدرة على جعل البدن في نشاط مستمر ، ولها القدرة على منع إحساسه بالجوع : فإنه قد يظن ظانٌّ أنه لا يحل تناولها من الليل ؛ لما لها من استمرار مفعول في النهار ، وهذا ظن خطأ ، بل هي جائزة الاستعمال ، ما دام تناولها في وقت إباحة تناول الطعام والشراب .
وأما أثرها المستمر في النهار فهو ليس بمانع من تناولها ، ولا فرق بينها وبين طعام السحور ، ومن الحكَم الجليلة في تأخير تناول السحور : هو إعطاء البدن قدرة أكبر وأكثر على تحمل الصيام في النهار .
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةٌ) رواه البخاري (1823) ومسلم (1095) .
قال الحافظ ابن حجر :
"قوله في حديث أنس : (تسحروا فإن في السحور بركة) المراد بالبركة : الأجر والثواب .
أو البركة لكونه يقوي على الصوم ، وينشِّط له ، ويخفف المشقة فيه .
وقيل : البركة ما يتضمن من الاستيقاظ ، والدعاء في السَّحَر .
والأولى : أن البركة في السحور تحصل بجهات متعددة : وهي اتِّباع السنَّة ، ومخالفة أهل الكتاب ، والتقوي به على العبادة ، والزيادة في النشاط ، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع ، والتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك ، أو يجتمع معه على الأكل ، والتسبب للذِّكر ، والدعاء ، وقت مظنة الإجابة ، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام" انتهى باختصار
"فتح الباري" (4/140) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في سياق ذِكر بركات السحور :
"من بركته : أنه يغذِّي الجسم طوال النهار ، ويحمل على الصبر عن الأكل والشرب ، حتى في أيام الصيف الطويلة الحارة ، بينما الإنسان في غير الصيام تجده يشرب في اليوم خمس ، وست ، مرات ، ويأكل مرتين ، لكن هذا السحور يجعل الله فيه بركة ، فيتحمل الجسم" انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" ( مقدمة اللقاء رقم 223 ) .
والحاصل : أنه لا حرج من تناول هذه الحبوب .
وانظر جواب السؤال رقم ( 49686 ) في إباحة تناول الهرمونات في السحور لرياضي .
والله أعلم .