السؤال هو : زوجة أخي لا تستحي أو تخجل من إخوتي ، تظهر أمامهم بحركات ولباس لا يليق بها ، وهي سيئة الخلق معنا نحن أخوات زوجها ، تتعامل معنا بوقاحة ، ومع إخوتي الرجال بلطف ولين ودلع ، وتغريهم بحركاتها وكلامها ، حتى إن أحد إخواني بدأ ينتقد زوجته على كل شيء ، وحوَّل حياتها إلى جحيم بسبب زوجة أخي هذه ، حاولنا أن نعلمها أو نصلحها دون فائدة ، قلنا لزوجها بما تفعله من حركات وكيف علاقتها بنا ، وهو لا يعلم عنها كل شيء ؛ لأنه يقضى معظم وقته في العمل ، كل الأهل يعرفون أنها سيئة الخلق ، وأخي أحياناً يضربها على أفعالها ، ولكنه متمسك بها بإصرار من والدتي ، لا يريد طلاقها ، فما هو الحل معها ؟ وكيف يمكن التعامل معها ؟ وهل أترك المنكر هذا ولا أهتم به ؟ فكرت أن أسعى لتزويج أخي بامرأة أخرى صالحة ، أرجو منكم إفادتي .
الحمد لله
أولاً :
أوجب الله تعالى على المسلمين نصح بعضهم بعضاً ، وأوجب على من نُصح بالحق أن يستجيب لأمر الله تعالى ، وأن يكف عن القبائح التي يرتكبها ، لذا فإن عليكم واجب النصح :
1. لزوجة أخيكم أن تكف عن فعل ما حرَّمه الله عليها من الكشف عن شيء من جسمها أمام إخوة زوجها ، ومن التكسر في كلامها ، وأفعالها ومن الإساءة لكُنَّ .
2. ولأخيكم نفسِه أن يَمنع زوجته من مخالطة الرجال الأجانب ، وأن يمنعها من الإساءة لأخواته ، وأن ينتبه للشرور التي يمكن أن تُحدثها في البيت من التفرقة بين إخوته ونسائهم .
3. وعلى والديكم أن يكون لهم موقف من أفعال زوجة ابنهم .
4. وعلى إخوة الزوج أن لا يجلسوا مع زوجة أخيهم ، ولا يستمعوا لكلامها ، وأن يحذروا أن تكون سبباً للفرقة بين الأسرة الواحدة ، والفرقة بينهم وبين نسائهم .
ثانياً :
ويجب عليها أن تعلم حدود الله تعالى فتقف عندها ، وواجب على زوجها – كذلك – أن يعلم أن زوجته من رعيته التي أوجب الشرع عليه أن يقوم برعايتها ، وليعلم أنه مسئول يوم القيامة عنها وعن أفعالها .
ومما يوجبه الإسلام عليها:
1. أن تحافظ على حيائها ، وعفتها ، وتغض بصرها عما حرَّم الله عليها .
قال الله تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الأجانب من الرجال بشهوة .
" مجموع الفتاوى " ( 15 / 396 ) .
2. المحافظة على حجابها الكامل أمام الرجال الأجانب ، ولتعلم أن إخوة زوجها منهم ، بل يجب أن تحتاط في لباسها وزينتها وكلامها أمامهم أكثر من غيرهم ، وفي الآية السابقة من سورة النور بيان من يجوز لهم إظهار زينتها أمامهم .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله ، أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت ) رواه البخاري ( 4934 ) ومسلم ( 2172 ) .
وانظري شرح الإمام النووي لهذا الحديث في جواب السؤال ( 12837 ) .
3. أن تلتزم أحكام الشرع في كلامها مع الأجانب ، وفي مشيتها ، فلا يكون في كلامها ولا أفعالها ميوعة وتكسر ، قال تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/ من الآية 32 .
4. تجنب وضع الطيب الذي يجد ريحه الأجانب .
فعَنْ أَبي مُوسى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ) .
رواه الترمذي ( 2786 ) وأبو داود ( 4173 ) والنسائي ( 5126 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود "
5. تمتنع عن الخلوة بأحدٍ من إخوة زوجها ، كما تمتنع عن الاختلاط بهم .
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول : ( لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ ) ، رواه البخاري ( 1763 ) ومسلم ( 1341 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
هل يجوز للمرأة أن تجلس مع أقارب زوجها وهي محجبة حجاب السنَّة ؟
فأجاب :
" يجوز للمرأة أن تجلس مع إخوة زوجها أو بني عمها أو نحوهم إذا كانت محجبة الحجاب الشرعي ، وذلك بستر وجهها وشعرها وبقية بدنها ؛ لأنها عورة وفتنة ، إذا كان الجلوس المذكور ليس فيه ريبة ، أما الجلوس الذي فيه تهمة لها بالشر : فلا يجوز ، وهكذا الجلوس معهم لسماع الغناء وآلات اللهو ونحو ذلك .
ولا يجوز لها الخلوة بواحد منهم أو غيرهم ممن ليس محرماً لها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ) متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما ) أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه " انتهى .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 422 ، 423 ) .
ويجب على الزوج أن يقف على هذه الأوامر والنواهي ، وأن يعلم أنه مسئول عن زوجته ، فيجب عليه نصحها وتوجيهها للخير ، وهدايتُها أحب إلينا من تسريحها وتطليقها .
كما يجب على الوالدين أن يكون لهما موقف حازم تجاه هذه المسألة ، وعلى الأم أن تقف مع الحق والصواب ، ولا تقدم عاطفتها على الشرع والعقل ، وعليها أن تعلم أن استمرار زوجة ابنها بتلك التصرفات معناه تخريب بيوت أبنائها ، وها هي بوادر ذلك واضحة كما جاء في السؤال .
كما يجب على إخوة الزوج أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم ، وأن يكتفوا بالحلال الذي رزقهم الله إياه ، ويجب عليهم نصح أخيهم والأخذ على يده ويد زوجته لئلا تفسد علاقتهم بنسائهم ، وعليهم المحافظة على غض البصر ، وترك الجلسات المختلطة .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم