النكاح عقد لازم، بل يمتاز عن كثير من العقود اللازمة بعدم إمكان فسخه بالتقايل، ولا بالاشتراط ولا بتخلف الشرط. نعم يثبت الخيار فيه في بعض الموارد الخاصة ـ على ما يتضح في المسائل الآتية ـ ولا يتعدى عنها.
(مسألة 1): للزوجة الخيار في فسخ النكاح بجنون الزوج قبل العقد أو بعده ولو بعد الوطء.
(مسألة 2): للزوجة الخيار في فسخ النكاح إذا عجز الزوج عن الوطء لعنن أو عمل شيطاني أو لكونه ممسوحاً أو مجبوباً أو نحو ذلك. وإن وطأها مرة واحدة فلا خيار. وكذا إذا كان قادراً على وطء غيرها من النساء، فإنه لا خيار لها ما دام قادراً على غيرها، فإذا تجدد له العجز عن غيرها أيضاً ثبت الخيار لها.
(مسألة 3): ليس للزوجة المبادرة للفسخ مع عجز الزوج عن الوطء، بل ترافعه للحاكم فيؤجله سنة، فإن قدر على وطئها أو وطء غيرها فلا خيار، وإلا كان لها الخيار.
(مسألة 4): للزوجة الخيار في فسخ النكاح إذا كان الزوج خصياً حين العقد عليها.
(مسألة 5): إذا تزوجت المرأة الرجل على أنه من قبيلة خاصة فبان من غيرها كان لها الخيار في فسخ العقد، سواء ظهر ذلك قبل الوطء أم بعده.
(مسألة 6): للزوج خيار فسخ النكاح بأحد اُمور في زوجته..
الأول: الجنون.
الثاني: الجذام.
الثالث: البرص.
الرابع: كل عيب فيها مانع من وطئها أو موجب لصعوبته، كرتق موضع الوطء أو غدة فيه أو عليه أو لحمة أو عظم، بل حتى ضيق المسلك بنحو غير متعارف بحيث يعد عيباً.
الخامس: الإفضاء، وهو اتصال مخرج الحيض والغائط وانخرام الحاجز ببينهما.
السادس: العمى، وهو فقد البصر، ولو مع فتح العينين.
السابع: العرج.
الثامن: الزنى. وإنما توجب هذه الاُمور الخيار إذا كانت قبل العقد، دون ما إذا كانت بعده قبل الوطء أو بعده.
(مسألة 7): لا فرق في ثبوت الخيار في عيوب الزوج والزوجة بين الزواج الدائم والمنقطع.
(مسألة
: ليس الخيار المذكور في عيوب الرجل والمرأة فورياً، بل لصاحب الخيار التراخي في ذلك ولا يسقط خياره إلا بإسقاطه أو بالرضا بالعقد بعد العلم بالعيب. نعم يكفي في الرضا من الزوج الوطء بعد العلم بالعيب. بل الأحوط وجوباً ذلك في الزوجة، فيكون تمكينها للزوج من الوطء بعد العلم بالعيب مسقطاً للخيار.
(مسألة 9): الفسخ حل لعقد النكاح فيسقط به المهر ويسترجعه الزوج مع عدم الدخول إلا في العنن، فإن عليه معه نصف المهر، وكذا في الخصاء على الأحوط وجوباً. وأما مع الدخول فإنها تستحق بسببه تمام المهر الذي جعله لها. لكن مع التدليس والغش يكون له الرجوع بالمهر على من دلسها، وإن كانت هي المدلسة استرجعه منها. أما مع عدم التدليس منها ولا من غيرها فلا يرجع به.
(مسألة 10): إذا تزوج امرأة على أنها بكر فبانت ثيباً فليس له الخيار في فسخ العقد، نعم ينتقص من المهر بنسبة التفاوت بين مهر البكر والثيب، والأحوط وجوباً الاقتصار على ما إذا ثبت أن ارتفاع بكارتها بسبب وطء سابق، دون ما إذا كان بسبب آخر أو احتمل ذلك. ولا ينتقص المهر في غير ذلك من العيوب.
(مسألة 11): لا يثبت الخيار بسبب المرض المعدي أو نحوه في أحد الزوجين، سواء كان قبل العقد أم بعده، نعم إذا خاف الآخر من الضرر جاز له اعتزال المريض بالمقدار الذي يندفع به احتمال الضرر، فإن كان المعتزل حينئذٍ هو الزوجة لم تسقط نفقتها، وإن كان هو الزوج لم يجب عليه الطلاق الرافع لحقوق الزوجية، إلا أن يلزم الضرر على الزوجة من الاعتزال، فالأحوط وجوباً حينئذٍ للزوج الطلاق إذا لم يؤد لها حقوقها.
ثم إن ما سبق يختص بما إذا لم يعلم أحد الزوجين بمرض الآخر حين العقد ولم يقدم على ذلك، أما إذا علم به وأقدم عليه فاللازم عليه القيام بحقوق الزوجية للآخر وإن لزم الضرر، إلا أن يكون الضرر شديداً يحرم إيقاعه بالنفس فيجب تجنبه بالاعتزال.
(مسألة 12): إذا تزوج المريض امرأة توقفت صحة زواجه على دخوله بها، فإن دخل بها صح زواجه وترتبت عليه جميع الآثار، وإن لم يدخل بها بطل زواجه ولم يترتب عليه الأثر، فلا ميراث بينهما ولا مهر ولا عدة.
والمعيار في المرض ما يظهر ويصدق به أنه مريض عرفاً، دون الأمراض الكامنة التي لا مظهر لها ولا يدركها إلا الأطباء بطرقهم الخاصة.
(مسألة 13): إذا كانت المرأة مريضة صح الزواج منها ولو مع عدم الدخول.
(مسألة 14): تخلف الشرط في عقد النكاح وإن لم يوجب الخيار في فسخه كما تقدم، إلا أنه يجب الوفاء بالشرط الواجد للضوابط المتقدمة في مبحث الشروط من كتاب البيع. ولا يجب الوفاء به بدونها من دون أن يوجب ذلك بطلان العقد.
(مسألة 15): إذا اشترطت الزوجة في العقد أن لا يطأها أو أن لا يخرجها من بلدها أو من بيتها وجب على الزوج الوفاء بذلك إلا أن تتنازل عن شرطها.
(مسألة 16): إذا اشترطت الزوجة على الزوج في العقد أن لا يتزوج عليها وجب الوفاء بالشرط، بل لو تزوج بطل زواجه إلا أن ترضى به ولو بعد ذلك.
(مسألة 17): إذا اشترطت الزوجة على الزوج في عقد النكاح أو في عقد آخر أن يطلقها في حال خاص ـ من مرض أو سفر أو غيرهما ـ نفذ الشرط ووجب الوفاء به، وكذا لو اشترطت عليه أن لا يطلقها فإنه لا يصح منه الطلاق حينئذٍ.
(مسألة 18): إذا اشترطت عليه أن يوكلها على طلاق نفسها في أي وقت شاءت، أو في حال خاص ـ كمرض أو سفر طويل أو سجن أو غير ذلك ـ وجب عليه أن يوكلها. وإذا اشترطت عليه مع ذلك أن لا يعزلها لم يصح منه عزلها، بل يصح ضم التوكيل لعقد النكاح مشروطاً بعدم العزل، كما لو قالت: زوجتك نفسي وجعلت نفسي وكيلة عنك في طلاقي منك على أن لا تعزلني، فقال: قبلت. فإنها تصير زوجة له ووكيلة عنه بلا حاجة للتوكيل ثانياً، وحينئذٍ يصح طلاقها لنفسها. نعم لا يجوز أن تشترط عليه أن بيدها الطلاق، بحيث يكون وقوع الطلاق وعدمه منوطاً بها لا به، بل يبطل الشرط المذكور.