مفكرة الاسلام:خلالاليومين الماضيين شهدت وسائل الإعلام المحلية والخارجية إطلالتين لرأسالكنيسة المصرية، ومسعر الفتنة فيها ؛ البابا شنودة ، الأولي يوم الأحدالموافق 26 سبتمبر، وكانت مع رئيس قطاع الأخبار في التليفزيون المصري عبداللطيف المناوي، والثانية يوم الثلاثاء 28 سبتمبر مع قناة الحياة الفضائيةوكانت مع إعلامي ناشئ ضعيف اسمه شريف عامر، وخلال المقابلتين تجلت النفسيةالملتوية للبابا شنودة،وانكشفت دخائل قلبه ومكنون صدره، وألاعيبه ودسائسهوتلونه من أقصى اليمين لأقصى اليسار في أقل من يومين، فلماذا هذا التراجعوالتناقض، ولماذا لحس شنودة كلامه، وهدم ما شيده في أقل من 48 ساعة ؟!.
اعتذار هزيل وبطولة زائفة خلالالمقابلة الأولي في يوم الأحد والتي حظيت بدعم وحشد إعلامي كبير، تهيئةلما سيقوله هذا الشيخ الطاعن في العداوة والاستغفال للمصريين مسلمينوأقباط، قدم البابا شنودة اعتذارا هزيلا عن إساءات وبذاءات الأنبا بيشويالرجل الثاني في الكنيسة، وسكرتير المجمع المقدس !!، وخليفة شنودةالمنتظر، وأقرب حلفائه وأخص تلاميذه، وبدا في مقابلته هذه أن يريد بأي شكلوقف كافة الإجراءات الشعبية والرسمية التي كان يتوقع أن تتخذ ضد الأنبابيشوي، خاصة وأن الغضب من تصريحات بيشوي كان أكبر وأوسع مما يتخيل الباباشنودة، ووصلت سورة الغضب إلي الدوائر الرسمية والمؤسسات الحكومية في نادرةلم يسبق إليها في تاريخ المؤسسات الدينية الرسمية في مصر . شنودةحاول في مقابلته الأولي مع التليفزيون المصري، أن يظهر في صورة رجل الدينالشجاع الذي يتحمل مسئوليات وأخطاء أتباعه، ووصل في اعتذاره للمسلمين أنيشهد علي نفسه وعلي أتباعه بأنهم هم الضيوف، وليسوا أصحاب البلد كما ادعيالآفاك بيشوي،وكان همه الأول في هذه المقابلة وقف المظاهرات العارمة التياجتاحت في بر مصر ضده والتي نادت بعزله ومحاسبته وتأديبه هو وعصابةالمترهبنين المجاهرين ببذاءاتهم وعداوتهم للإسلام والمسلمين، وامتصاصالغضب الشعبي والرسمي، وإعادة الثقة لهيبته المتداعية ومكانته المنهارة،وإعادة الزيف والمساحيق إلي وجه عداوته البغيض، بعد أن عرته الأحداثالأخيرة، وكشفت عن حقيقته القبيحة . وعليالرغم من أن اعتذار شنودة كان في مجمله ضعيفا وملتويا، حاول فيه تبرئةتلميذه المخلص لأفكاره وخططه ـ بيشوي ـ بإلقاء اللوم علي وسائل الإعلامالتي ضخمت منه، إلا أن وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة استقبلتالاعتذار بحفاوة غير مسبوقة، وتبارت الصحف القومية والخاصة في الإشادةبشجاعة البابا ووطنيته وموقفه المسئول، وأفردت مقالات تتحدث عن مآثرالبابا الشجاع،وآخري وصفته بالبطل الذي أطفأ نار الفتنة في مصر قبل أن يشعلها المتطرفونمن الجانبين، وثالثة تثني علي فضيلة الاعتذار عند البابا وتتمني أن يتعلمالمسلمون من قداسته مثل هذا السلوك !!، ووصفته بالاعتذار التاريخي، وبجولةسريعة علي الصحف والمواقع الالكترونية، ودون تحديد مقالات أو كتاب أو صحفبعينها، ينكشف لنا حالة الخبل والدجل الإعلامي تجاه اعتذار البابا الهزيل.
صدمة الثلاثاء والاعتذار من الاعتذار لميكد يجف مداد الأقلام التي دبجت المقالات التي تتغني بما قام باعتذارالبابا وتثني علي مآثره، حتى خرج علينا شنودة في مقابلة تليفزيونية معقناة الحياة الفضائية وقد حاوره إعلامي ناشئ اسمه شريف عامر، وخلال هذهالمقابلة نسف شنودة كل ما قاله في مقابلة الأحد، وبدا الشيخ الطاعن الفانيمتحفزا متنمرا وقد خلع عباءة الوداعة والسلام التي ارتدها في المقابلةالسابقة، وألقي غصن الزيتون من يده، وارتدي عباءة ألفونسو السادس في حروبهالصليبية تجاه مسلمي الأندلس، وكان ألفونسو أول من ارتدي عباءة رسم عليهاالصليب في الحرب ضد المسلمين، كناية عن البعد الديني في حروبه ضد المسلمين. في مقابلةالثلاثاء قاد شنودة انقلابا شاملا علي الأحداث القائمة، وحمل المسلمينمسئولية ما يجري علي أرض مصر، وتنصل من اعتذار يوم الأحد كأنه ما كان، وماقاله بلسانه الذي اعتاد الكذب والنفاق، و أكد أنه "لم يعتذر" للمسلمين عنتصريحات الأنبا بيشوي، سكرتير المجمع المقدس، التي زعم فيها "تحريف"القرآن الكريم، لأنه ليس "مسئولاً" عن تلك الأزمة التي فجرها بآرائهالمثيرة للجدل، وأنه قدم "أسفه" في مقابلة تلفزيونية، بعد أن شعر بضيقالمسلمين من تلك الآراء التي طرحها "الرجل الثاني" بالكنيسة في ختام مؤتمر"تثبيت العقيدة" بالفيوم، أي أن شنودة قد لحس كلام الأحد بالكلية، ونقضهتماما . شنودة لم يكتف بتنصله عن الاعتذار وتبرئته للخبيث بيشوي فقط، بل شن حملة عدائية قوية ضد المسلمين، فزعم أن الأقباط"مستهدفون وليسوا مثيرين فهم الذين يثارون دائمًا من تخبط الغير- في إشارةإلى المسلمين- فيهم ، وقال بالحرف الواحد : "نحن ننشد المحبة لكن غيرناـيقصد المسلمين ـ يثيروننا ويرفضون هذا المحبة ويهتفون بالشتائم والإهانات،فالقبطي بطبيعته هادئ ومحب لمن حوله، بينما غيرنا مثيرون ومشتعلون ويريدونالتهويل ونحن من واجبنا أن نهدئهم"، غامزًا بذلك من المسلمين الذينأثارتهم تصريحات الأنبا بيشوي وعبروا عن غضبهم من التشكيك في القرآنالكريم الذي يؤمنون بعصمته، وفي إشارة واضحة إن اعتذاره يوم الأحد كانبمثابة الخداع والتطيمن الكاذب للشعب الثائر، أي كما يقال في الشارعالمصري، اعتذار للضحك علي الذقون !!، كما دعا شنودة المعترضين علي كلامالخبيث بيشوي لمحاورة عقلانية بعيدا عن صخب الإعلام وضجيج الكاميرات، وهذاكلام يعني لمن يفهمه أن يوافق علي تصريحات الخبيث بيشوي، ومؤيد لها، وهوما كشف عنه الدكتور عمارة في تصريحات صحفية غداة مقابلة الأحد السابقةعندما قال أن البابا شنودة يؤيد بيشوي في هجومه علي القرآن الكريم،ومؤلفاته مليئة بالتهجم علي القرآن والإسلام .
لماذا التناقض والتراجع ؟؟ المقربونمن شنودة والمطلعون علي سيرة الرجل ونشأته ودفتر أحواله، كانوا يعلمون علماليقين، أنه لن يمضي علي اعتذاره يوم الأحد سوي سويعات قلائل حتى يتراجععما قاله، وينقض ما قاله جميعا، وذلك لعدة أسباب منها : طبيعةشخصية شنودة المتغطرسة والاستكبار الذي عليه منذ شبابه أيام انتمائه لحركةالأمة القبطية المتطرفة، تمنعه من أن يقدم اعتذارا سهلا بهذه الصورة التيتمت في مقابلة الأحد، فغطرسته وكبره هو الذي أشعل نار الخلافات مع الرئيسالراحل السادات حتى عزله وأبقاه كسقط المتاع في الدير، ورغم سنوات الرهنالإجباري في الدير، إلا إنه لم يتغير ولم يعتذر عن إشعاله لنار الفتنةالطائفية في الخانكة سنة 1972، والزاوية الحمراء سنة 1980، وواصل إذكائهلنار الفتنة وأججها في الكشح ودير أبو فانا، وغيرها من عشرات الحوادثالطائفية التي كان ورائها غطرسة شنودة وتكبره ، ومثل هذه الشخصية العاتيةفي التكبر والغطرسة لم ولن تعتذر مهما وصل الحال في البلاد، وإنما غايةالأمر خداع وتمويه للتهدئة. شنودةأراد أن يبرهن لشعبه ـ وهكذا يطلق علي أتباعه إمعانا في الانعزاليةوالطائفية والاستقلالية ــ أنه ما أقدم علي تصريحات الأحد إلا بعد ضغط منالنظام، وأنه اضطر لمثل هذا الاعتذار للضيوف !، والدليل علي ذلك الإجبار،أن المقابلة كانت مع التليفزيون الرسمي للنظام، والذي أدار الحوار هوشخصية رسمية تدافع عن النظام، وأنه لم أتيحت له أقرب فرصة لبيان رأيهالحقيقي في الأحداث، أسرع وكشف عنه وجهر به، وهو بذلك حفظ مكانته بينأتباعه الذين يلقنهم منذ عشرات السنين العقائد والأفكار المضللة التي تصفالمسلمين بالكفرة، وبالضيوف الذين قرب وقت رحيلهم، مثل ضيوف الأندلس منقبل . شنودةأيضا باعتذاره هذا قد حفظ مكانة تلميذه الوفي وخليفته المنتظر، الخبيثبيشوي، من أن تنهار داخل الكنيسة، بحيث تتبخر معها أحلامه الوشيكة باعتلاءكرسي البابوية، فشنودة كما يعتقد أتباعه المضللون بأنه نصف إله !!، ولايخطئ أبدا، بل هو عندهم معصوم من الخطأ، وبالتالي فإن من يصدر عليه شنودةحكما بالطرد أو الشلح، فهو كالمطرود من جنة الخلد من رحمة الله !!، ولاتقام عليه أي مراسم تعبدية في حياته ولا في مماته، وهذا معناه أن لو استمرشنودة في تخطئته للخبيث بيشوي، واعتذر عن إساءاته، فكأنه يصدر شهادة وفاةمبكرة، وصك عدم صلاحية لهذا الخبيث المنتظر، يجرده من أي فرص للترشح لمنصبالبابوية وهذا يعني أن شنودة يتخلي عن ساعده الأيمن وأخلص رجاله وتلميذهالوفي، والذي ربما يكون ما أقدم علي بذاءاته ضد المسلمين إلا بوحي منشنودة نفسه، وكما أسلفنا في مقالة سابقة فأن بيشوي شخصية مكروهة داخلالأوساط الكنسية لقسوته وشدته، وشنودة بتنصله من اعتذار الأحد أعاد الحياةلبيشوي الخبيث قبل أن ينقض عليه خصومه داخل الكنيسة المصرية، وما أكثرهم .