ملاك رئيس تحرير جـــريدة نور الاسلام
عدد المساهمات : 5941 رصيد نقاط : 21731 رصيد حسابك فى بنك نور : 150 تاريخ التسجيل : 09/08/2009 البلد : مصر أم الدنيا
بطاقة الشخصية عـــائلــة نــــــــــور: 50
| موضوع: عـم رمضـان الثلاثاء سبتمبر 15, 2009 12:45 am | |
| ]size=29]عـم رمضـان
منذ أعوام خطرت لأحد المعدين فى القناة السادسة فكرة تقديم برنامج اسمه: رمضان فى رمضان، وهى فكرة عجيبة تقوم على حلقات تستضيف كل واحدة منها رجلاً اسمه رمضان ليتكلم عن تجربته مع الشهر الكريم. أذكر هذا جيدًا لأن رمضان فلوطة ميكانيكى الحى كان ضيف الحلقة الأولى. وبصرف النظر عن البرنامج والحكم عليه، فإننى أجد الفكرة لا بأس بها.. وهذا يذكرنى بأن أقرب الشهور إلى التجسد فى صورة بشرية هو رمضان ******* عم (رمضان) العجوز الطيب الكريم ذو اللحية الشائبة والوجه الذى ملأته السنون بالتجاعيد. يمشى فى الشوارع ليلاً وقد حمل فانوسًا ملونًا جميلاً وملأ جيبيه بالمكسرات والحلوى ينفع بها الأولاد الطيبين.. الفانوس الجميل المصنوع من الصفيح، والذى يبعث رائحة الشمع الذائب الشجية، والذى ربما صنعه أسطى رمضان آخر فى حارة من الحواري عم رمضان العجوز الطيب يمشى فى الشوارع.. يستوثق من أن الزينة معلقة عند باب كل حارة، وأن المسحراتى يقوم بعمله ولم ينم، وأن بائع الفول باع بضاعته كلها.. يتأكد من أن الكنافة تنضج فوق الفرن الأسطوانى الغريب ليتحول العجين بمعجزة ما إلى خيوط من عجين شهى المذاق. عم رمضان لا يصغى إلا لصوت النقشبندى الشجي: يقول إمتى.. يا رب إمتى...»، ويسمع القرآن بصوت الشيخ رفعت القادم من عالم أسطورى مليء بالشجن.. صوت قادم من القلب مباشرة ولا يمر بحبال صوتية ولا حنجرة عم رمضان العجوز يمشى فى تؤدة.. قبل الغروب يتجه حاملاً شفشق قمر الدين إلى المكان الغامض الذى يربض فيه مدفع الإفطار، فيشرف على إطلاقه بنفسه لترتج المدينة كلها بالصوت (بوم) ثم يصب كوبًا باردًا منعشًا للعسكري عم رمضان لا يفطر.. إنه يمشى فى الشوارع الخالية يتأكد من أن جميع النوافذ مضاءة، وأن الأسر كلها ملتفة حول الطعام، وأن صوت النقشبندى ما زال يتصاعد من مكان ما.. ثم يراقب فى رضا أول من ينزل من بيته قاصدًا المسجد ******* أغمضت عينى بضعة أعوام، وسافرت إلى بلد عربى شقيق لأعمل هناك. التجنيد الإجبارى خارج الوطن الذى يجب أن يمر به كل شاب مصرى لم يرث ولم يتزوج مليونيرة ولم يسرق لم تكن أيامًا سيئة، ولن أقول الكلام الممل المعتاد عن الكفيل و.. و.. بل أعترف بأننى عرفت مجموعة راقية جدًا من أهل ذلك البلد وأحببتهم، لكن عندما جاء رمضان لم يستجد شيء.. رمضان يمر كأى شهر آخر هناك، وبالتأكيد لا يتجسد فى صورة ذلك العجوز الطيب الذى عشقته. فقط الطعام.. الكثير من الطعام.. المزيد من الطعام.. أطنان من الطعام.. وعرفت من المستوصف الذى أعمل فيه أن العمل الحقيقى يبدأ فى منتصف الليل عندما تصل حالات الإسهال والتلبك المعوى وسوء الهضم.. تمر ساعة أو ساعتان ثم تبدأ كل المطاعم توصيل الكبسة واللحم الضأن والمظبى للمنازل لزوم السحور. حتى صوت التواشيح لا تسمعه، لدرجة أننى كنت أردد: مملكتى مقابل سماع ثانية من التواشيح كنت أقول لنفسي: سأعود يومًا، ولسوف يكون عم رمضان العجوز هناك بانتظارى حاملاً الفانوس الحبيب ******* عندما عدت لمصر كانت أمور كثيرة قد تغيرت.. بشكل ما بدا لى أننا نقترب أكثر من صورة رمضان فى ذلك البلد العربي. ما زالت هناك فوانيس لكنها من البلاستيك القبيح، وعليها علامة: صنع فى الصين.. وتبدو كالمفتش كرومبو الذى يغني: بوس الواوا.. ما هذا العك؟! الصينيون تجار بارعون فعلاًَ يمكنهم بيع أجهزة تكييف فى القطب الشمالي، أو أجهزة تدفئة فى خط الاستواء، وقد أتحفونا كذلك بتلك المتفجرات الخطيرة التى يفجرها الصبية فى عينك، ويلقونها داخل السيارات المسرعة، ويبيعها كل كشك سجائر متظاهرًا بأنه لا يفعل ذلك.. طريقة صاخبة مزعجة للاحتفال برمضان لم نعرفها من قبل. قرأت فى كتاب (الفيل والتنين) أن لدى الصينيين دمى تشبه «السيد المسيح» تنطق قائلة: «احمل صليبك واتبعني»!.. لا أشك فى أن لديهم دمى يهودية وبوذية وهندوسية ******* لا بأس.. لكن هناك من يؤكد أن الفوانيس عادة فاطمية.. يعنى بدعة.. ومن الأفضل التخلى عنها تمامًا. نفس الشيء يقال عن مدفع رمضان والكنافة والقطائف وربما المسحراتي والسؤال هنا هو: هل أضرت هذه العادات بالدين؟... هل جعلت الناس أكثر شرًا وتوحشًا وشهوانية؟... ما أعرفه عن هذه اللمسات البسيطة أنها ربطت رمضان بالفرحة فى نفس كل طفل. لا يوجد طفل مصرى لا يشعر برجفة طرب ولهفة عندما يسمع كلمة رمضان. هذه اللمسات الصغيرة مع التجمع الأسرى ولذة أن يشعر بأنه صار كبيرًا يصوم كالآخرين. لو كانت هناك جريمة هنا فأنا عاجز عن معرفتها وجدت كذلك ولعًا شديدًا لدى الناس بالبحث عن شيء جديد يتم تحريمه. لا تقل: رمضان كريم.. لأن هذا شرك والعياذ بالله.. الكريم من أسماء الله الحسنى فلا تستعملها مع اسم الشهر. لا تقل: أنا فاطر.. لأن الله فاطر السموات والأرض، وهم يعرفون أنك تستعملها بمعنى مختلف تمامًا.. يقولون هذا ولا يتساءلون عن الأسوأ: إن تكون فاطرًا فعلاً أم أن تقول أنا فاطر؟. نموذج آخر للتمسك بحروف الكلام دون معناه فى عيد الفطر، تصحو منتعشًا وتتوضأ منتظرًا ذلك الصوت الرخيم ينشد من المسجد القريب: صدق وعده.. ونصر عبده.. وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده.. لا إله الا الله ولا نعبد الا إياه.. لكنك تكتشف عندما تبلغ المسجد أن الميكروفون متروك لطفل يصرخ فيه بصوت نشاز ولا يمكن إيقافه أبدًا، وأنهم حذفوا هذا المقطع من الإنشاد واكتفوا بترديد: الله أكبر.. الله أكبر. لا إله إلا الله.. مرارًا لا حصر لها تسأل عن السبب فيقولون لك إن باقى الإنشاد ليس شرعيًا!.. طيب هل كان هناك شيء خطأ أو يناقض روح الإسلام فى المقطع المحذوف؟.. هل هى هواية تحريم شيء جديد كل يوم على سبيل التميز؟ ******* كل شيء خطأ.. والدائرة تضيق من حولك، ولذة لا شك فيها لدى من يكتشف شيئًا جديدًا، مما يشعره بالتفوق على الآخرين وأنه أعلى درجة.. افعل.. لا تفعل.. لكن هل هذه الدائرة تورث سلامًا نفسيًا فعلاً؟.. هل تجعل الناس أكثر طهرًا؟... ولماذا كان 80% من مرضاى فى تلك الدولة يتعاطون البروزاك أو الفيلوزاك علاجى الاكتئاب الشهيرين؟ أعترف بأن هذه الحياة الغاضبة العصبية المتشككة صعبة جدًا، وبعد كل هذه الأعوام لم أر من يستمر على تشدده السابق.. كلهم يتعبون لكن بعد ما ينقلون الجذوة لشاب جديد متحمس ليست المشكلة إذن فى عم رمضان الذى يريدون أن يقنعونا بأن حبنا له خطأ، لكن فى الشيوخ رفعت والكحلاوى والنقشبندي.. فى الفهم المصرى السمح للإسلام.. المشكلة التى تضايقهم هى الحياة نفسها ******* -د.أحمد خالد توفيق[/size] | |
|
رانا نجم نجوم المنتدى
عدد المساهمات : 8555 رصيد نقاط : 25658 رصيد حسابك فى بنك نور : 262 تاريخ التسجيل : 04/12/2009
| موضوع: رد: عـم رمضـان الثلاثاء فبراير 02, 2010 5:33 pm | |
| | |
|