مسلمو الدنمارك يدعون الإعلام لصفحة جديدة
دعت قيادات إسلامية في الدنمارك وسائل الإعلام في بلادهم إلى فتح صفحة جديدة مع الأقلية المسلمة تقوم على فتح قنوات لاتصال وحوار مباشرة بينهم والرجوع إلى المسلمين في كل القضايا التي تخصهم.
هذه المبادرة جاءت ردا على قرار ثلاث من كبرى الصحف الدنماركية عدم إعادة نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، بعد مخاوف بين المسلمين من إقدامها على إعادة النشر إثر محاولة شاب من أصول صومالية مساء الجمعة 1-1-2010 اغتيال رسام الكاريكاتير، كورت فيستر جارد، صاحب أحد الرسوم المسيئة، ومن بين هذه الصحف "يولاندز بوستن" أول من نشر هذه الرسوم عام 2005؛ ما سبب غضبا إسلاميا واسعا.
ففي تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" عبر الهاتف، قال رئيس المجلس الإسلامي الدنماركي، عبد الحميد الحمدي: إن "موقف الصحف الدنماركية كان مفاجئا لنا، واعتبرناه خطوة للأمام تستوجب فتح الباب للحوار، ما دفعنا للرد السريع عليها بشكل إيجابي، عبر إرسال برقيات شكر لتلك الصحف، ودعوتها إلى فتح صفحة جديدة مع الأقلية المسلمة" المقدر عددها بنحو 200 ألف مسلم من أصل حوالي خمسة ملايين نسمة.
وشدد الحمدي على ضرورة "فتح قنوات مباشرة للتواصل والحوار بين المسلمين ووسائل الإعلام الدنماركية"، موضحا أن "حوار المسلمين حتى الآن مع المؤسسات الرسمية والمدنية في الدنمارك يتم عبر البوابة الأمنية، ممثلة في جهاز الاستخبارات".
ورغم الإعراب عن تقديره لهذه "البوابة" شدد على أنهم يريدون "فتح حوار مباشر مع جميع المؤسسات الرسمية والمدنية، ومن بينها وسائل الإعلام"، مشددا أيضا على "ضرورة اهتمام وسائل الإعلام بالتعرف على مخاوف المسلمين وما يقلقهم، وعدم الإنصات لمصادر مسلمة لا تعبر عنهم وتقدم آراء متشددة".
ومضى قائلا: إن "الدنمارك دولة مدنية ناجحة تحترم تعدد الثقافات وحرية التعبير، وبها قضاء مستقل، وهذا ما نرجو أن ينعكس على مواطنيها من المسلمين مثل غيرهم من أبناء المجتمع الدنماركي".
ضغوط ورؤية سياسية
وحول الأسباب التي دفعت تلك الصحف إلى تغيير مواقفها السابقة، لفت رئيس المجلس الإسلامي إلى أن القائمين على تلك الصحف يقولون إنهم رأوا أن إعادة نشر الرسوم لا يسهم في الاستقرار الأمني ولا ضرورة صحفية له.
إلا أن المحمدي يرجع الأمر إلى "عاملين، أولهما هو الضغوط الداخلية من الشعب الرافض لإعادة نشر الرسوم المسيئة، والذي أعلن عن موقفه منذ البداية؛ لكون تلك الرسوم لا تخدم الدنمارك وتنتهك مبدأ التعايش الذي تشتهر به البلاد".
ويتمثل العامل الثاني في "وجود قراءة جديدة من جانب القيادة السياسية في كوبنهاجن لواقع الأقلية المسلمة؛ إذ تبين لهم أن المسلمين جادون في سعيهم للتعايش السلمي مع بقية أطياف المجتمع"، وفقا لرئيس المجلس الإسلامي.
مخلصون لبلدهم
كذلك قال الشيخ خليل جعفر، إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي في العاصمة كوبنهاجن: إن "الشعب بدأ يعي أن الأقلية المسلمة مخلصة لهذا البلد، وتسعى إلى الحفاظ على أمنه واستقراره، ما بدأ يؤثر على مواقفهم تجاه أي قضية تتعلق بالإسلام حرصا على عدم جرح مشاعرهم مجددا".
وأكد الشيخ جعفر -الذي يعد مركزه من أقدم المراكز الإسلامية في الدنمارك والمنطقة الإسكندنافية- في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" أن "وسيلة الأقلية المسلمة في التعامل مع بقية مكونات المجتمع الدنماركي هي الحوار سعيا إلى الإقناع".
والرسام الدنماركي الذي جرت محاولة استهدافه مطلع العام الجاري، هو صاحب أول الرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها "يولاندز بوستن" عام 2005، ثم أعيد نشرها في العام التالي؛ ما أثار موجة احتجاجات عارمة في أنحاء العالم الإسلامي، وأصاب بالضرر العلاقات بين الدنمارك وبعض الدول الإسلامية التي أدانت بشدة نشر هذه الرسوم، مطالبة كوبنهاجن بالاعتذار، ما رفضته الأخيرة.